للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شجر عنب، وإنما (١) كانت تُجْلب من الشام، فكان عامة شرابهم من نبيذ التمر، وقد تواترت السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه وأصحابه أنه حرَّم كل مسكر وبيَّن أنه خمر (٢).

وكانوا يشربون النبيذ الحُلو، وهو أن يُنْبَذ في الماء تمرٌ أو زبيب، أي يُطْرح فيه ــ[والنبذُ: الطرح] (٣) ــ ليَحْلوَ الماء، لاسيما كثير من مياه الحجاز، فإن فيه ملوحة، فهذا النبيذ حلال بإجماع المسلمين؛ لأنه لا يُسكِر، كما يحل شرب عصير العنب قبل أن يصير مسكرًا.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهاهم أن ينبذوا (٤) هذا النبيذ في أوعية الخشب أو الجرِّ ــ وهو ما يُصنع من التراب ــ أو القرع أو الظروف المُزَفَّتة، وأمرهم أن ينبذوا في الظروف التي تُربط أفواهُها بالأوكية (٥)؛ لأن الشدة تدب في النبيذ دبيبًا خفيًّا ولا يشعر الإنسان، فربما شرب الإنسان (٦) ما قد دبَّ فيه الشِّدة المُطربة وهو لا يشعر، فإذا كان في سقاء موكئًا انشق الظرفُ إذا غلا فيه النبيذ، فلا يقع الإنسان في محذور، وتلك الأوعية لا تنشق.

ورُوِي عنه أنه رخص بعد هذا في الانتباذ في الأوعية، وقال: «كنت قد


(١) الأصل: «وربما»!
(٢) سيذكر المصنف بعض تلك الأحاديث قريبًا.
(٣) من بقية النسخ.
(٤) في هامش (ي): «صوابه: ينتبذوا».
(٥) أخرجه مسلم (١٨) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. والبخاري (١٣٩٨)، ومسلم (١٧) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٦) «فربما شرب الإنسان» سقطت من (ي).

<<  <  ج: ص:  >  >>