للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما يعجز عنه.

فإن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار، ومن كان عاجزًا عن إقامة الدين بالسلطان والجهاد، ففَعَل ما يقدر عليه (١) بقلبه، والدعاء للأمة، ومحبّة الخير وأهله (٢)، وفعَل ما يقدرُ عليه من الواجبات= لم يُكَلَّف بما يعجز عنه، فإنَّ قِوام الدين بالكتاب الهادي والحديد الناصر، كما ذكر الله تعالى.

فعلى كلّ أحدٍ الاجتهاد في اتفاق القرآن والحديد لله، ويطلب ما عنده مستعينًا بالله في ذلك. ثم الدنيا تخدم الدين، كما قال معاذ بن جبل: ابن آدم أنت محتاجٌ إلى نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحْوَج، فإن بدأتَ بنصيبك من الآخرة مَرَّ بنصيبك مِن الدنيا فانتظَمْتَه انتظامًا، وإن بدأتَ بنصيبك من الدنيا فاتَك نصيبُك من الآخرة، وأنتَ مِن الدنيا على خطر (٣).

ودليل ذلك: ما رواه الترمذي (٤) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أصبح والآخرة أكبر هَمِّه جمع الله له شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن أصبح والدنيا أكبر هَمِّه فرَّق الله عليه ضيعته وجعل فقره بين


(١) في بقية النسخ زيادة: «من النصيحة».
(٢) (ي): «ومحبته للخير وأهله»، (ظ، ب): «ومحبة الدين وأهله»، (ف، ل): «ومحبة أهله».
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة: (٧/ ١٢٥ - ١٢٦)، والطبراني في «الكبير»: (٢٠/رقم ٤٩)، وأبو نعيم في «الحلية»: (١/ ٢٣٤). قال الهيثمي في «المجمع»: (٤/ ٢٢٤): رجاله رجال الصحيح، غير أني لم أجد لابن سيرين سماعًا من معاذ.
(٤) (٢٤٦٥). وأخرجه وكيع في «الزهد» (٣٥٩)، والحارث بن أبي أسامة في «مسنده - زوائده» (١٠٩٢) من حديث أنس - رضي الله عنه -. وللحديث شواهد كثيرة. انظر تخريجه في «الزهد» لوكيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>