للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العليا فهو في سبيل الله» أخرجاه في «الصحيحين» (١).

فالمقصود أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا. وكلمة الله: اسم جامع لكلماته التي تضمَّنها كتابه (٢)، وهكذا قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: ٢٥]، فالمقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه. ثم قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ}، فمَن عَدَل عن الكتاب قُوِّمَ بالحديد، ولهذا كان قِوامُ الدين بالمصحف والسيف.

وقد رُوِي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه قال: أمَرَنا رسول الله صلى الله عليه [أ/ق ١٠] وسلم أن نضرب بهذا ــ يعني السيف ــ من عَدَل عن هذا ــ يعني المصحف ــ (٣).


(١) البخاري (٧٤٥٨)، ومسلم (١٩٠٤) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -. وقوله: «أخرجاه في الصحيحين» ليست في (ف).
(٢) وشرحها المصنف أيضًا بقوله: (وكلمة الله هي: خبره وأمره، فيكون أمره مطاعًا مقدمًا على أمر غيره، وخبره مصدَّقًا مقدمًا على خبر غيره». «مجموع الفتاوى»: (٥/ ٢٣٨).
(٣) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: (٥٢/ ٢٧٩). ولفظه: عن عمرو بن دينار قال: (رأيت جابر بن عبد الله وبيده السيف والمصحف وهو يقول: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نضرب بهذا مَن خالف ما في هذا). لكن أخرجه سعيد بن منصور في «سننه»: (٢/ ٣٣٣)، والحاكم: (٣/ ٤٣٦)، وابن عساكر: (٣٩/ ٣٢٢) بسياق آخر ليس من قول جابر، عن عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: بعثنا عثمان في خمسين راكبًا وأميرنا محمد بن مسلمة، فلما انتهينا إلى ذي خشب استقبلنا رجل في عنقه مصحف، متقلدًا سيفه، تذرف عيناه، فقال: إن هذا يأمرنا أن نضرب بهذا ــ يعني السيف ــ على ما في هذا، فقال له محمد: «اجلس فنحن قد ضربنا بهذا على ما في هذا قبلك أو قبل أن تولد» قال: فلم يزل يكلمهم حتى رجعوا. وصححه الحاكم على شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>