[مسألة خلق أفعال العباد والرد على شبهات القدرية فيها]
الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
القدر قدرة الله وهو سر من أسرار الغيب، وهو من لوازم الربوبية، ولا يستقيم الإيمان بالقدر إلا بالإيمان بخمس مراتب: علم، فكتابة، فمشيئة، فإرادة، فخلق.
ومن المعلوم أن لله مشيئة، ومن قال: إن الإرادة هي المشيئة فهذا خطأ؛ لأن الإرادة إرادتان: إرادة كونية، وهي المشيئة، وإرادة شرعية وهي المحبة.
فمن مراتب الإيمان بالقدر الإيمان بأن الله قد خلق كل شيء، ومن هذه الأشياء أفعال العباد، فأفعال العباد مخلوقة لله جل في علاه، هذا على العموم، قال الله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد:١٦]، فأفعال العباد تدخل في هذا العموم، وفي هذا رد على القدرية -مجوس هذه الأمة- الذين ينكرون خلق أفعال العباد، وجعلوا مع الله خالقاً آخر فقالوا: هم أنفسهم يخلقون أفعالهم؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:(مجوس هذه الأمة القدرية).