إن خروج يأجوج ومأجوج من الفتن العظيمة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قام عليه الصلاة والسلام من نومه فزعاً وقال:(ويل للعرب من شر قد اقترب، لقد فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج قدر الدرهم) وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كل يوم يأتون الجدار ليهدموه، فإذا كان آخر النهار قالوا: غداً سنخرج على بني آدم.
وهنا يعلم أن الله جل وعلا إذا أذن لشيء أعد له الأسباب المؤدية إليه، فهم بعد مقاربتهم هدم الجدار آخر النهار يقولون: غداً نخرج على بني آدم ولم يقولوا: إن شاء الله، فيرجعون في اليوم الثاني فيجدونه كما كان، حتى إذا أذن الله جل في علاه بخروج يأجوج ومأجوج يجعلهم يقولون: غداً إن شاء الله سنخرج على بني آدم، ولو أنهم قالوا: إن شاء الله من بداية الأمر لكان دركاً لأمرهم، لكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، فيخرجون يأكلون كل أخضر ويابس؛ حتى إن أولهم يكون عند بحيرة طبرية فيشربون الماء وهم عطشى ويأتي الآخر منهم ويرى جفافاً فيقول: كان هنا ماء، فلا يأتون على أخضر ولا يابس إلا ويزيلونه من وجه البسيطة.
ثم إنهم بعدما ينتهون من قتال أهل الأرض يبتلون بأن يضربوا الرمح أو النبل في السماء فيفتنهم الله جل وعلا بأن ينزل هذا النبل وفيه الدماء، فيقولون: انتهينا من أهل الأرض وقتلنا أهل السماء، نعوذ بالله من الخذلان! فيأمر الله عيسى نبيه أن يأخذ المؤمنين ويذهب بهم إلى جبل الطور، فيدعو عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم أن ينجيهم الله من هذه الفتنة العظيمة؛ لأن الله قد أوحى إليه أنه سيخرج بشر خلقهم الله لا يدان لهم أحد، أي: لا يستطيع أحد على قتالهم ولا أن يجابههم، فيقبل الله دعاء المؤمنين فيقتل هؤلاء، وتأتي طير فتأخذهم إلى البحار حتى لا يضروا بني آدم، ثم يعيش الناس في نعيم ورغد من العيش حتى يأذن الله بخراب هذه الدنيا وقيام القيامة.