[الترغيب في السنة والتحذير من البدع]
جاءت الآيات والأحاديث مستفيضة بالترغيب في السنة والتحذير من البدع، فقد أمرنا باقتفاء أثر السلف الصالح ونبذ المحدثات، أي: البدع، فإنها الضلالات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).
السنة في اللغة معناها: الطريقة.
وفي الاصطلاح: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من اعتقاد ومن عمل، وهؤلاء هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هم يا رسول الله! قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي) فمن كان على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح فهو على سنة، ومن خالفهم فهو على بدعة لا بد أن يرجع عنها.
أما اتباع السنة فالحث عليها والترغيب فيها والأمر بها فهو ركن؛ لأن التوحيد توحيدان: توحيد عبادة، وتوحيد اتباع.
وتوحيد العبادة: أن تكون كلها لله جل في علاه.
وتوحيد الاتباع: أن يوحد المتبع وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧] وقال جل في علاه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠] {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:٥٩] فقد قرن الرسول معه في الأحكام ليبين أنه لزاماً ووجوباً تتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، بل أشد من ذلك أن الله حذر أيما تحذير من عدم قبول حكم النبي صلى الله عليه وسلم وسننه، فقال الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:٦٥] فإذا اختلف المسلم مع أخيه، فلا يتحاكمان إلى قول الشيخ الفلاني أو العلاني، وإنما يتحاكمان إلى ما قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم.
فلا يرد حكم الله وحكم النبي صلى الله عليه وسلم بقول غيرهما كائناً من كان؛ لأن المسألة مناطها كلها على قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك قال الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:٦٥].
فمثلاً عندما سألت عائشة رضي الله عنها وأرضاها النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحق الناس بالزوج؟ قال: أمه) يعني: أن الأم تأكل قبل الزوجة، ويذهب الزوج إلى أمه قبل أن يذهب إلى زوجته، ويقدم أمه على أولاده فلذات كبده، فهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فلا بد أن تقول الزوجة: سمعت وأطعت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الأم مقدمة على الزوجة وعلى أولادها، فيجب الرضا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم بدون مشاحة ويجب على الزوجة أن ترضي زوجها بحبها لأمه ليرضى الله عنها؛ لأن المرأة لا بد أن تعلم أن هذا حكم الله وحكم الرسول فتسلم.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:٣٦] فلا بد أن نرجع إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حياته إلى شخصه، وبعد مماته إلى سنته صلى الله عليه وسلم.