أما التأويل فله ثلاثة معان: المعنى الأول: ما يؤول إليه حقيقة الأمر، ففي الجنة -مثلاً- عنب وموز وفاكهة، وذكر ابن عباس أن فاكهة الجنة تشبه فاكهة الدنيا في الاسم فقط، أي أنه يتشابه الاسمان ويختلف المسميان، فعندما تدخل الجنة وتأكل من فاكهتها يظهر لك تأويل ما قاله الله تعالى:{وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}[النحل:٥٧] فتعرف حقيقتها عندما تأكلها وأنت في الجنة.
فتأويل الأمر أي: حقيقة الأمر الذي يراه المرء عين يقين، كما قال الله تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}[الأعراف:٥٣].
والمعنى الثاني: تفسير الكلمة، فمعنى قوله تعالى:{وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ}[الأنبياء:٩٥] يعني: وجب على القرية، وهذا الذي قاله ابن عباس، وعندما قرأ قول الله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[آل عمران:٧] لم يقل: وأنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تفسيره.
المعنى الثالث: التحريف، وهذا هو المقصود في العقيدة أن الأشاعرة وغيرهم يحرفون الكلم عن مواضعه، فيقولون في قوله تعالى:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}[الفتح:١٠] أي: قدرة الله فوق قدرتهم.
وفي قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] أي: استولى.
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لقد عجب ربنا من صنيعكم) يقولون: عجب ملائكته، أو عباده، ولم يثبتوا الصفة لله تعالى، فيحرفون صفة الله بأهوائهم دون أدنى دليل، فأهل السنة والجماعة يثبتون صفات الله كاليد والقدرة، والعين، والرجل، والساق، ويسلمون كل ذلك لله على حقيقته دون تحريف الكلم عن مواضعه.