لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن خروج الدجال فتنة عظيمة؛ لأن الله أعطاه قوة خارقة، كأنها من لوازم الربوبية، يفتن الله بها من يشاء، والله جل وعلا يبتلي عباده بما شاء سبحانه، قال تعالى:{إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ}[الأعراف:١٥٥] فمن فتنة الدجال أن يأتي للرجل فيقول: لو أحييت لك أباك وأمك تؤمن بي؟ فيقول: أؤمن بك، فيأتي فيحيي أباه وأمه لفتنة البشر، وهو في الحقيقة لا يحيي أباه وأمه، وإنما يتمثل له الشيطان في صورة الأب وصورة الأم، فيعمي على هؤلاء.
ومما يفتن به الناس أن يذهب إلى المشرق والمغرب في دقائق معدودة تستدبره الريح.
وأيضاً ينظر إلى السماء فيقول: أمطري، فتمطر، ويذهب إلى الأماكن الخربة فيقول: أخرجي كنوزك، فتخرج الكنوز، وهذه فتنة عارمة، وكل هذه تحصل بإذن الله تعالى؛ والفتنة الأشد أنه سيأتيه رجل هو من أفضل الشباب كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول:(أنت الدجال الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأخذه هذا الكافر الظالم ويقول للناس: أيها الناس! لو قتلت هذا الرجل وأحييته لكم تؤمنون بي؟ فيقولون: نعم، فيأخذه فيشقه نصفين جزلتين: جزلة على اليمين، وجزلة على اليسار، ثم يمشي بين الجزلتين، ثم يقول للرجل: تعال، فيقوم الرجل متهللاً فرحاً، فيقول: والله ما ازددت بك إلا بصيرة، أنت الدجال الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وهنا يجدر بنا أن نتأمل إلى الإيمان كيف يتلألأ في القلوب ويجعل المؤمن ثابتاً راسخاً لا يتزعزع مع كل ريح، فهذا الشاب بعدما شقه نصفين قام فقال: أنت الدجال الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما ازددت فيك إلا بصيرة، ثم يضرب بالسيف على رقبته فلا يسلط عليه مرة أخرى، كرامة من الله لهذا الشاب الذي بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أعلى الناس إيماناً في هذا العصر، فيهرب ويهرب من معه، وهذه فتنة ليست بعدها فتنة.