إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
انتهينا بفضل الله سبحانه وتعالى وبمنه وكرمه وبحوله وقوته من الكلام عن الأسماء والصفات، وهنا سنتكلم عن باب مهم جداً وأنا هنا سأجمل الكلام عنه، لكن من أراد التفصيل فعليه بأسطوانة شرح أصول أهل السنة والجماعة، ففيها تفصيل كبير في مسألة القدر، والقدر هو قدرة الله، وهو من لوازم ربوبية الله، ولا يستقيم إيمان عبد بحال من الأحوال إلا بالإيمان بالقدر، ولا يمكن أن تطلق الإيمان على رجل لا يعتقد الاعتقاد الصحيح بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، فلا يمكن أن يستقيم إيمان عبد إلا به، ومسائل القدر دحض مزلة، قد ضلت فيه أفهام كثيرة، وضل فيه أناس كثيرون حتى ممن ينتسب للسنة، وسأبين لكم أخطاء فادحة يقع فيها المرء حتى إن المؤلف وقع منه الخطأ فيه وهماً منه؛ لأن باب القدر باب ليس بالهين، بل هو سر من أسرار الله، وسر من أسرار الغيب، وهو من أفعال الله جل في علاه.
فإذا أردت أخي الكريم أن تؤمن بالقدر فعليك أن تعلم أن الله قدر كل شيء قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة، وأن الله كتب كل شيء قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة، والقدر ركن ركين من أركان الإيمان، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر بن الخطاب عندما دخل عليه جبريل معلماً الناس وقال: يا محمد! صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي (أخبرني ما الإيمان؟)، فأجاب النبي بأهم ما في الإيمان، ولم يعرف الإيمان لغة، ولكنه أعطاه أهم شيء فيه، فعرف الإيمان بأركانه، وهذه تثبت لك بأن الإيمان كل جزئية منه هي ركن من أركانه، وفيه دلالة على أن الركن الواحد منها إذا نزع نزع الإيمان، فالإيمان له أركان، وهي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره)، فهذه أركان الإيمان ومنها القدر.