وقد ذكر المصنف عدم التعرض لآيات الصفات أو أحاديثها بالتأويل، أو التشبيه، أو التمثيل، والتمثيل: هو التشابه من كل وجه، أي: المطابقة، أما التشبيه: فهو التشابه في أغلب الصفة، كأن يقال: صفة اليد لله تشبه صفة المخلوق، حاشا لله من ذلك! فنؤمن بقول الله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، فنقول: استوى ربنا على العرش، ونؤمن بهذا الاستواء ونعلم معناه، ولا نكيفه بكذا أو كذا، ولا نشبهه باستواء الخلق، لأن قولنا: استوى محمد على الكرسي بمعنى: جلس وعلا عليه، لكن استواء الله بمعنى: علا وارتفع واستقر، ولا نقول: جلس؛ لأن الحديث الذي ورد فيه أن الله علا وقعد أو علا وجلس، حديث باطل، لا تصح أي رواية من رواياته أن تنسب للنبي صلى الله عليه وسلم.
فنقول: استواء الله لا يماثل استواء محمد من أكثر من وجه: الوجه الأول: أن استواء محمد على الكرسي يدل على أن محمداً يحتاج للكرسي، فإذا سحبته منه وقع على الأرض، لكن العرش نفسه يحتاج إلى الله جل في علاه، وهذا من المفارقات.
الوجه الثاني: استواء محمد على الكرسي دلالة على نقص محمد، أما استواء الله جل وعلا على العرش فهو دلالة على كمال الله؛ لأنه يفعل ما يشاء وقت ما شاء.