إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شرك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: ما زلنا مع هذا الكتاب الجليل: لمعة الاعتقاد، وقد انتهينا إلى الكلام عن صفات الله جل في علاه، وتكلمنا عن صفة الرضا، ونحن الآن إن شاء الله على موعد مع صفة أخرى من صفات الله جل في علاه: وهي صفة المحبة.
وهذه الصفة هي من الصفات الفعلية التي تتجدد، وضابطها: أنها تتعلق بالأسباب، بمعنى: أن الله جل في علاه يتصف بهذه الصفة أحياناً، ولا يتصف بهذه الصفة أحايين أخرى، فإن الله جل وعلا يحب الناس المؤمنين، ويحب من الناس المخلصين الصادقين، فالله جل وعلا لا يحب كل البشر، بل يحب بعضاً من البشر وهم الذين أتوا بأسباب هذه المحبة.
فهذه الصفة الفعلية ضابطها: أنها تتعلق بالأسباب، وهي تتجدد، بمعنى: إن شاء الله أحب وإن شاء لم يحب، ولا يقولن أحد: إن الله يحب موسى منذ خلق آدم، بل الله يحب موسى حين خلق موسى وبعثه إلى بني إسرائيل، ويحب محمداً حين خلق محمداً وحين بعثه نبياً مرسلاً، فالمحبة تتعلق بالأسباب، وتتعلق بالمشيئة، وهذه الصفة العزيزة الجميلة هي صفة كمال وجلال وبهاء وعظمة لله جل في علاه.