للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لا يعني بطبيعة الحال العصمة المطلقة والقداسة التامة لهذا التراث في الجانب الاجتهادي القابل للخطأ والصواب, فهذا غلو مذموم نرفضه بشدة ذلك بأن القائمين على هذا التراث مهما بلغوا من العلم والفضل فإنهم لا يزالون في دائرة البشرية ولم يخرجوا عن طوقها, وما دام الأمر كذلك, فإن هذا التراث لا يخلوا من وجود أخطاء وسقطات وهفوات تحتاج إلى حركة نقد وتصحيح, وهذا - ولله الحمد والمنة – موجود في علماء هذا التراث نفسه قديما وحديثا, فترى الواحد منهم يستدرك على الآخر, ويبين خطأه نصحا للأمة, وإبراءً للذمة, بل ترى العالم نفسه يستدرك على نفسه, ويصحح خطأها.

كذلك فإن من السمات البارزة لأهل السنة أن العصمة المطلقة ليست لأحد سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما زال علماؤنا الأخيار يرددون أن كلا يؤخذ من قوله ويترك مهما كانت منزلته ومهما بلغ علمه إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.

وما زال أهل السنة والأثر من قديم الزمان وإلى عصرنا الحاضر يقومون بعملية النقد والتصحيح لهذا التراث في إطار النقد العلمي الذي يبني ولا يهدم وهاهي المكتبة الإسلامية تزخر بالمؤلفات الضخمة التي تشهد لهذه الحقيقة.

أما تراث أهل الانحراف والضلال كالفلاسفة والمعتزلة ومن دار في فلكهم فهو التراث الجدير حقا بالإبعاد والنفي عن تراث الأمة.

موقفهم من التاريخ الإسلامي: دأب الليبراليون على تشويه التاريخ الإسلامي, وشن حملات التزوير والتخريب عليه ولم تقف هذه الحملات الضارية على عصر دون عصر بل امتدت لتشمل كافة العصور الإسلامية حتى إن الصفحات المشرقة في تاريخنا لم تسلم من ذلك (١).

أقوالهم في هذا الجانب:

خالص جلبي يعلنها حربا شعواء على العصر الإسلامي في زمن بني أمية يقول: "هناك حزمة أمراض ثقافية تبلغ العشرة منها: أن العالم العربي ما زال يحكم بسيف معاوية, بعد انطفاء الوهج الراشدي ... وأن الثقافة العربية تستحم بالعنف منذ المصادرة الأموية, وتوديع حياة الراشد, واعتناق حياة الغي, وتفش روح الغدر والقتل والانقلابات والتآمر, فليس بعد الرشد إلا الغي" (٢).

وانظر- يا رعاك الله – كيف يتهجم خالص جلبي على الفتوحات الإسلامية بكل شناعة وفظاعة, ويشبهها بالجرائم اليهودية يقول: "إن السلطان محمد الفاتح, وفتح المدينة (القسطنطينية) يذكر بشارون وهو يريد احتلال القدس, وطرد أهلها منها. وبغض النظر عن فظاعات الفتح, وحجم النهب والسلب, والاغتصاب على يد الانكشارية, فإن أول ما فعله (محمد الفاتح) أن وضع يده على أقدس مقدساتهم: أياصوفيا, تلك التحفة التاريخية, ليحولها إلى مسجد, لم يكن هذا الفتح انتشاراً على منهج النبوة, بل اجتياحا عسكريا .... ونسميه إسلامياً؟!! " (٣).

المصدر:التطرف المسكوت عنه أصول الفكر العصراني لناصر الحنيني - ص ٧٦


(١) ((من هم الليبراليين العرب الجدد، وما هو خطابهم؟)) - شاكر النابلسي – جريدة إيلاف الإلكترونية.
(٢) انظر ((من هم الليبراليين العرب الجدد، وما هو خطابهم؟)) - شاكر النابلسي – جريدة إيلاف الإلكترونية.
(٣) إنتاج هذا التيار موجود في: ((جريدة إيلاف الإلكترونية وموقع الحوار المتمدن))، و ((صحيفة الشرق الأوسط))، و ((صحيفة الأحداث المغربية))، و ((صحيفة السياسة الكويتية))، و ((صحيفة الاتحاد الإماراتية))، وفي كتابات: شاكر النابلسي، و ((العفيف الأخضر))، وإحسان الطرابلسي، ومأمون فندي، وفؤاد عجمي، وكنعان مكية، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>