للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أساسيات الإسلام وجود اليقين في التوحيد والإيمان، فالتوحيد والإيمان لا يغني فيه إلا اليقين الجازم، ولهذا عده العلماء شرطا أساسيا من شروط لا إله إلا الله. يقول تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات: ١٥]، فاشترط في صحة إيمانهم عدم الريبة، وهي الشك والظن (١)، ولهذا جاء الشك والريب وصفا للمنافقين فقال تعالى: إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [التوبة: ٤٥]، ولقد جاء في الحديث: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة)) (٢). وجاء في حديث أبي هريرة مرفوعا: ((من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة)) (٣). " فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط" (٤).

....... والفكر الليبرالي لا يعتقد عقائد جازمة غير حق الفرد في الحرية الفردية مهما توصل له من أفكار وعقائد وآراء، فهو لا يملك عقيدة يقينية محددة، لأن كل عقيدة قابلة للتغيير، ومن حق الآخر أن يعتقد خلافها، وهذا الفكر لا يملك جوابا محددا على أوضح الأمور مثل وجود الله تعالى وربوبيته، لأن المنهج السيال الذي يعتمد عليه يجعل كل أمر قابل للصواب أو الخطأ، وربما أوصلت المنهجية الليبرالية إلى عقائد متناقضة.

وبهذا يتبين أن الليبرالية تصحح العقائد المتناقضة، والأفكار المتعارضة، ولا تجزم بحقيقة عقدية، وتبني قاعدة " قولي صواب يحتمل الخطأ، وقولك خطأ يحتمل الصواب "، وتجعل ذلك قاعدة عامة في أصول العقائد وسائر الأديان. فالمنتسب للإسلام منهم يعتقد أن إسلامه صحيح يحتمل الخطأ، وعقيدة الآخر (الكافر) خطأ يحتمل الصواب، ويرفضون الجزم العقائدي في جانب الصحة أو البطلان (٥). وهذا هو الشك بعينه.


(١) كتاب الرياض الإلكتروني ((حروف وأفكار)) (ص- ١٤) لمحمد بن علي المحمود.
(٢) كتاب الرياض الإلكتروني ((حروف وأفكار)) (ص- ١٤) لمحمد بن علي المحمود.
(٣) انظر موقعه على الشبكة العنكبوتية.
(٤) كتاب الرياض الإلكتروني ((حروف وأفكار)) (ص- ٢٩) لمحمد بن علي المحمود, في مقال له بعنوان (قنوات الدعاية للإرهاب) وقد نشر في جريدة الرياض بتاريخ: ٦/ ١٠/٢٠٠٥م.
(٥) كتاب الرياض الإلكتروني ((حروف وأفكار)) (ص- ٤٤) لمحمد بن علي المحمود, في مقال له بعنوان (مفهوم التسامح) (٢/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>