للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الشرع الإسلامي يستهوي بعدله ورحمته وشموله حتى أعداء الإسلام فإذا بهم ينساقون إليه مذعنين بل ويصبحون من جنوده البواسل حينما قارنوا بين ما جاء في الإسلام وبين النظم الجاهلية التي تقود البشر من شقاء إلى شقاء لأنها من صنع البشر الذين قصرت أفهامهم والتبست عليهم الأمور وهؤلاء حجة على أولئك الهاربين إلى الديمقراطية دون أن يعلموا شيئا عن الإسلام وعن تعاليمه الشاملة لقد انبهر الكثير من المسلمين ببريق الحضارة الغربية وصناعاتها المادية فظنوا أن ذلك إنما هو بسبب ما عندهم من الأنظمة ولم يفطنوا إلى أن سبب ذلك إنما يعود إلى نشاط الغرب وشحذ هممهم وإصرارهم على اكتشاف خيرات الأرض والاستفادة منها وطرقهم لآلاف التجارب دون كلل أو ملل مهما واجهتهم من المصاعب كلما فشلوا في تجربة صناعية زادهم ذلك إصرارا على إعادة الكرة والله عز وجل لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى فأعطاهم الله من الدنيا على قدر عزمهم بينما المنتظرون من المسلمين للحضارة الغربية يغطون في سباتهم، فلما أفاقوا على هدير مصانع الغرب وإنتاجهم ألقوا باللائمة على الإسلام ظلما وزورا وظنوا أن هذا التبرير يبقى على ماء وجوههم فإذا بهم لا ظهرا أبقوا ولا أرضا قطعوا فلا هم بقوا على إسلامهم وتلافوا أخطاءهم، ولا هم لحقوا بالدول الغربية في إنتاجها المادي. وكان يجب عليهم أن يعرفوا أن الإسلام الذي عاش عليه ملايين البشر في القرون الغابرة على أحسن حال وأعدل نظام لا يزال كذلك على مر الدهور عاش عليه البشر قبل أن يظهر قرن الديمقراطية التي يريدون إحلالها محله والتي قامت من أول أمرها على محاربة الدين وخداع الجماهير للوصول إلى الحكم بأي ثمن يكون واعتبار ذلك فوزا أو مغنما بينما الإسلام لا يجيز الخداع ولا النفاق ولا يجيز الاحتيال على الناس وابتزازهم لا في دينهم ولا في دنياهم بل يعتبر الوصول إلى سدة الحكم أمانة عظيمة حملها ثقيل ومزالقها خطيرة ولا يعتبر الوصول إليه فوزا كما نسمعه في تطالب الديمقراطيين للوصول إلى الحكم فتذكر أخي القارئ ما قاله أبو بكر رضي الله عنه حينما ولي الخلافة: " لقد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن اعوججت فقوموني"، وكان عمر دائم التأوه من حمل ثقل الخلافة وكان أسلافنا من أعلام الإسلام يفر أحدهم من أخذ الحكم كما يفر أحدنا من الأسد أو أشد لا جهلا به ولا خوفا من مشقته إنما هو الخوف من الله عز وجل أن يقع فيما لا يوافق الحق فإذا تم انتخاب الخليفة أسدوا إليه النصيحة وآزروه راضين مطمئنين بحكمه لا يجوزون عصيانه ولا الخروج عليه ولا تشكيل حزب معارض له ما دام يشهد الشهادتين ويطبق أحكام الإسلام حتى وإن كانت له معاصي وكبائر فهو محل طاعتهم وأمره إلى الله مع محاولتهم بيان الحق وإسداء النصيحة له.

حتى إذا جاءت الديمقراطية فإذا بأقطابها يتهارشون عليها ويخادعون الناس وينافقون ويعدون بما لا يفعلون – وإذا بالناس غير الناس والقلوب غير القلوب – وكأن حال الإسلام والمسلمين يقول:

ذهب الذين إذا رأوني مقبلاً ... هشوا إليَّ ورحبوا بالمقبل

وبقيت في خلف كأن حديثهم ... ولغ الكلاب تهارشت في المنزل

<<  <  ج: ص:  >  >>