للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما التقاليد: فهي جملة العادات التي هي لمجتمع معين وهي إما تقاليد خيرة طيبة وإما تقاليد سيئة باطلة ولا تعرف التفرقة بين هذين المسلكين إلا بعرضهما على الشرع الشريف، فما كان موافقا للشرع فهو الحق وهو المطلوب، وما كان مخالفا للشرع فهي تقاليد جاهلية يجب الحذر منها وما أشد معركة التقاليد وما أوسع انتشارها تموت تقاليد وتحيا أخرى على تعاقب الأجيال ومر الدهور وعلى المسلم أن يكون متزنا في تقبل مختلف التقاليد فكم من تقليد قضى على نور العلم والمعرفة وأفسد الأخلاق والعقائد وكم من حق سمي خرافة، كما أنه يجب عليه الانتباه إلى ما يلقيه أعداء الإسلام من الهجوم على الشريعة الإسلامية تحت ما يسمونه محاربة التقاليد البالية تنفيرا للناس عنها كما أنه يجب على المسلم أن يعلم أنه لا مكان في الإسلام للخرافات ولا للتقاليد السيئة الباطلة إذ أن الإسلام إنما جاء لمحاربة كل أنواع الجاهليات والخرافات والتقاليد الباطلة الضارة.

٤ - الحرية والكبت الحرية هي الإنطلاق في الرأي والاعتقاد في القول وفي الفعل في حدود طاقة الإنسان (١).

والكبت: هو الحد من الإنطلاق في الرأي والاعتقاد والقول والفعل والاتصال بالغير.

حقيقتهما عند الماديين

وأما عند أصحاب المادية فالحرية يراد بها الإنطلاق من كل قيود القيم والمثل والمبادئ التي دعى إليها الدين وهي عودة إلى الحياة البهيمية من أوسع الأبواب ولكن تحت تسمية التطور والتجديد وكذلك الكبت عندهم إنما يراد به تحطيم كل أنظمة الشريعة والانفلات عن الآداب والأخلاق التي دعا إليها الدين أما موقف الدين منهما فمما لا ريب فيه أن جميع الأديان – وخصوصا الإسلام – قد دعت إلى الحرية وحرمت الذلة والخضوع وإحناء الجباه إلا لمن خلقها وأوجدها، وفي كتاب الله تعالى تأكيد شديد على كرامة الإنسان وأن جميع ما في هذا الكون إنما خلق له ومن أجله قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء:٧٠].

أما الحرية في الإسلام: فلا يجوز لأحد أن يجهل أن الإسلام بخصوصه دعا إلى الحرية وجعل إليها منافذ عديدة ورغب في تحقيقها بما جعل الله من الأجر الجزيل لمن حققها ونهى عن الكبت الذي يكون سببه طغيان القوي ضد الضعيف وتسلط الطغاة على المستضعفين دون وجه شرعي.

إن الحرية لها مفهومها الخاص ومجالها الخاص بها في الإسلام كما أن للجاهليات مفهومها ومجالها الخاص بها، وبين المفهومين مسافات مديدة وفروق عديدة.


(١) ([٤٠٩]) رواه أبوداود في سننه (٤٠٣١) من حديث ابن عمر وسكت عنه أبو داود (وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح) وقال الحافظ في ((الفتح)) (١٠/ ٢٨٢) ثابت (و) إسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>