وكم حملوا هذه المادة التي تعادل في تصرفاتها عند الملاحدة تصرفات خالق الكون عند المؤمنين وكم ظهرت لهم من حقائق حيرتهم في دقة موجدها ولكن قلوبهم التي أشربت حب الكفر والتمرد على طريقة أستاذهم إبليس أبت أن ترجع إلى الحق فمثلا قانون الجاذبية الذي أوجده الله وثبت به هذا الكون العلوي والسفلي هو أكبر من السماء وما فيها من مختلف الأجرام وهو أكبر من الأرض وما عليها حين اكتشفوه قالوا عرفنا الآن أنه لا خالق ولا ممسك لهذا الكون إلا الجاذبية وحين فاجئهم المؤمنون بالله بهذا السؤال ومن خلق هذه الجاذبية؟ هل خلقتها السماء لحاجتها إليها لتمسك بأجرامها أن تقع على الأرض؟ أم أن الأرض خلقتها لحاجتها إليها ليستقر عليها من فوقها؟ أم أنها هي بنفسها أدركت حاجة السماء والأرض إليها فأوجدت نفسها؟ سبحان الله عما يفترون.
وحينما أنكروا وجود الله تعالى قيل لهم هذا الكون العجيب المتناسق المحكم الذي لا يطغى بعضه على بعض لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس: ٤٠] من هو هذا القوي القهار الذي جعله بهذه الصفة قالوا المادة وكأنهم هربوا من ذكر اسم الله تعالى إلى اسم يوافق هواهم فإذا كانت هذه المادة هي التي أحكمت هذا الكون فهي الإله الحق فلا يبقى أمامهم إلا النطق باسم الله الكريم ويتركوا روغان الثعالب والتكلفات الباهتة.
فكل ما قالوه من شبهات تافهة مهما اختلفت أسماؤها فإنما تدل على انقطاعهم وأنهم مثل الغريق الذي يمسك بكل شيء يقع في يده لينجو من الغرق.
وكم خسارة الملاحدة الشيوعيون حينما أنكروا خالق هذا الكون في مقابل التعصب لآراء ذلك اليهودي "ماركس" الثائر النفس الحاد المزاج المتعصب لقومه اليهود والذي سعى إلى الانتقام من العالم كله بسبب مواقفهم من اليهود الحاقدين على الله تعالى وعلى كل البشر لأنهم لم يجعلوهم سادة العالم وحكامه كما وعدهم الله بذلك حسب افتراءات واضعي التوراة فآلوا على أنفسهم أن يقفوا جنبا إلى جنب مع الشيطان لإغواء البشر وتحطيم دياناتهم وإفساد أخلاقهم ليتمكنوا من استحمارهم جميعا في النهاية ولن يتم الله بحوله وقوته لهم ذلك والله تعالى غيور على دينه فليموتوا بغيظهم وحقدهم وسيزيلهم الله هم والمادة التي عبدوها من دونه عز وجل.
ثانيا: الجدلية " الديالكيتك "
لقد أصبحت المادة عند الشيوعيين هي كل شيء وليس وراءها شيء وأنها تتطور صعودا وفق قانون " الجدلية الديالكيتك " والتاريخ نفسه يسير حسب هذا القانون حتما بزعمهم.
وتكون هذه المادة وفق ما تقترن به فتسمى المادية الجدلية في الكون إذا كانت تتعلق بتغيرات الكون وأحداثه وإذا كانت تتعلق بسلوك الناس سموها المادية الجدلية في التاريخ. فالجدلية: في المذهب الماركسي تعتبر بمثابة ركن من أركانه وأنها هي قانون حركة الوجود كله، ويعود أساس فكرة الجدلية عند "ماركس" إلى تأثره بالفيلسوف " هيجل "، واسمه جورج ولهلم فريدريك هيجل "، وهو ألماني كان يؤمن بوجود إله يصفه بأنه غير متناه أو هو الوجود المطلق أو العقل المطلق ومنه ظهرت الطبيعة، وقد خالفه " ماركس " في مفهوم هذه الجدلية فعكس الأمر تماما حتى تبجح "ماركس" بأنه قد أوقف آراء " هيجل " على قدميها بعد أن كانت واقفة على رأسها بزعمه بسبب أن " هيجل " كان يرى في جدليته أنها منطلقة من الله إلى كل الأكوان وأن الفكرة هي الأصل والمادة ناتجة عنها بخلاف جدلية " ماركس " التي تقول أن الله تعالى هو من اختراع الفكر الإنساني وخيالاته وليس عن حقيقة. وأن الأساس هي المادة والفكر ناتج عنها (١).