١ - فأما التطور بالمفهوم الأول: فهو حق، وهو ما جاء ذكره في كتاب الله تعالى في بيانه لخلق الإنسان والمراحل التي يمر به في قوله تعالى: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا [نوح:١٤]، أي أوجدكم طورا بعد طور وهو ما فسره الله تعالى بقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ [المؤمنون: ١ - ١٦].
هذه هي أهم الأطوار التي يمر بها الإنسان في حياته الجسمية وهي خاصة ببني آدم، أما آدم فإن هذه التطورات لا تشمله، فقد خلقه الله بيده من تراب الأرض ثم نفخ فيه الروح فكان بشرا سويا.
٢ - أما التطور بالمفهوم الثاني فإنه ينقسم إلى قسمين:
قسم نشأة هذا الكون والمراحل التي مر بها في تطوره إلى أن وصل إلى ما هو عليه.
والقسم الثاني يتعلق بمعرفة أصل نشأة الكائنات الحية والمراحل التي مرت بها في تطورها، وفي أولها الإنسان وكيف نشأ وكيف تطور في وجوده وفي تفكيره وفي معيشته وفي عبادته حسب تفكير أصحاب نظرية التطور وفي أولهم "أراسموس دارون"، وحفيده "جارلس روبرت دارون"، ومن جاء بعدهما على هذه الفكرة الباطلة الخرافية التي أصبح دعوى التطور فيها من أهم خصائص المذهب الشيوعي حيث يقصدون بالتطور أن كل أمر في هذا الوجود يتطور ويتقدم إلى الأمام في خطوات متتابعة إلى ما لا نهاية بزعمهم ويستدلون على ذلك بما قرره من أن الإنسان كان مائيا ثم برمائيا ثم بريا ثم عرف الرق ثم الإقطاع ثم الرأسمالية إلى أن عرف الشيوعية الماركسية وسيتطور فيما بعد – ولا يغيب عن القارئ - وضع الشيوعية اليوم حيث أقر الله عيون أهل الإيمان بموتها في عقر دارها وهذا من الأدلة الدالة على كذب أحلام الملاحدة فيما تصوروه عن التطور المزعوم وأبديته وانتشار المذهب الشيوعي تلقائيا، كما أن هذا المفهوم الذي قرره الملاحدة لتطور الأشياء لم يكن صحيحا فإن تطور الإنسان لم يقم على المادة – كما يريده الملاحدة – بل قام الإنسان نفسه وعلى حسب ما تمليه عليه حاجته إلى الأمور أما المادة الصماء فإنها عاجزة عن تطور نفسها فكيف تعمل لتطوير غيرها.
فوجود المادة لا يطور أحدا وليس وجودها كافيا لتطور الإنسان ومعلوم أن الماديين – وهم جاهدون وجادون - في محو كل القيم الإنسانية أو أي شيء يؤدي إلى احترام إنسانية الإنسان، معلوم أنهم يعرفون تلك الحقيقة ولكنهم يتحاشون البوح بها لئلا يؤدي ذلك إلى احترام القيم والمثل والتهذيب الديني للإنسان يجعل كل الفضائل للمادة خير من جعلها للإنسان في ميزان الملاحدة إذ المادة لا خطر من ورائها ولا يؤدي احترامها إلى فرض القيم الدينية التي يخافونها والتي تذكرهم استبداد الدين النصراني المحرف.