فإنه يطالب الشخص وهو صحيح بمبلغ يدفعه ضريبة من دخله حتى إذا عجز عن العمل أعطى مبلغا حسب ما كان يدفعه قليلا أو كثيرا فإنه يأخذ نسبته على حسب ما دفع وعيب هذا أن الغني يدفع له أكثر لأنه أخذ منه أكثر والمحتاج يدفع له أقل منه وهذا الحل لا يفي بحاجة الفقير فقد يكون لهذا الفقير أسرة كبيرة بينما الغني قد لا توجد له أسرة فليس هناك تكافئ في التوزيع ولا نظر إلى عمق القضية حسب الضرورة، بل إنهم لم يوجدوا هذه النقلة إلا للتخفيف من مساوئ هذا النظام الذي طعموه بما يسمونه التأمينات الاجتماعية والنقابات .. الخ.
أما الإسلام فإنه لا ينظر إلى استحقاق الفقير من بيت المال إلى أنه كان يدفع أو لا يدفع لأنه ينظر إلى إزالة الضرر بغض النظر عن الأسباب فلا ضرر ولا ضرار، ولأن الفقر قد لا يدوم فقد يصبح الفقير غنيا فيستعفف بعد ذلك عن أخذ ما كان يصل إليه من بيت مال المسلمين وما يعطاه من المال إنما هو إعانة له إلى أن يغنيه الله من فضله ويستغني عن أخذه بعد ذلك دون منة عليه من أحد إذ الإسلام دائما يحث الشخص على الاعتماد على الله ثم على عمل يده والاستغناء عن الناس بانتظار ما يجودون به عليه، ويخبره دائما أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وأن من اعتمد على سؤال الناس يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم ... وغير ذلك من التوجيهات الإسلامية.
وعلى ضوء ما سبق يمكن تلخيص الأسس التي قام عليها النظام الرأسمالي فيما تقدم بيانه فيما يلي:
١ - حرية الملكية الفكرية وحرية التصرف فيها دون تدخل الدولة غير الحماية.
٢ - الحرية في ممارسة أي نشاط اقتصادي يريده الفرد انتاجا أو استهلاكا.
تحقيق التوازن التلقائي عن طريق جهاز الثمن الذي هو المرأة التي تعكس رغبات المستهلكين إلى المنتجين.
٤ - وجود حافز الربح الذي هو المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي والإقبال على العمل تحقيقا للربح.
٥ - وجود حرية المنافسة الاقتصادية التي تحد من انتشار الاستغلال.
وهذه الأسس وإن كانت تبدو للناظر أنها مفيدة وناجحة وتخدم التقدم الاقتصادي إلا أن لها مساوئ كثيرة من أهمها:
١ - سوء توزيع الثروة والدخل بين الناس، فمن عز بز.
٢ - ما نادت به من الحريات إنما هي حريات ناقصة والعامل ليس حرا في اختيار عمله ولا في أجره فقد يضطر إلى أن يعمل بأجر أقل حينما لا يجد عملا مناسبا وكذلك المستهلك ليس حرا في استهلاكه بل يقيد مستوى دخله وما تسمعه من كثرة المظاهرات في الغرب لتحسين أجر العامل أقوى شاهد.
٣ - ظهور البطالة والتقلبات الاقتصادية لعدم التوازن الحقيقي.
٤ - وجود الاحتكارات والتي تعمل بشكل معاكس لجهاز الثمن. ٥ - ظهور الآثار السلبية للمنافسة في الإسراف والتبذير في الإعلانات وغيرها (١).
وعلى العكس من كل ما تقدم نجد في الأنظمة الاشتراكية والشيوعية التي لا تحفل بالفرد ولا بتشجيعه على زيادة الإنتاج السليم لسلبهم إياه حرية التملك وبالتالي إفلاسه الدائم واتكاله على الدولة ولا تسأل عما نشأ من المساوئ جراء هذا السلوك الأحمق.
(١) انظر ((التوراة والإنجيل والقرآن والعلم)) لموريس بوكاي ترجمة الشيخ حسن خالد.