وكل تلك الاتجاهات لا يقرها الإسلام ولا تساير نظامه، فالمال في الإسلام إنما هو إحدى متع الحياة الدنيا ولا حرج على صاحبه أن يتمتع به كيفما أراد مادام في ذلك في حدود الشرع وتعاليمه وليس المال هو كل شيء، بل إن هناك حياة هي أسمى من هذه الحياة تنتظر الفقراء والأغنياء وكم من فقير في هذه الدنيا يصبح في تلك الحياة يفوق في ملكه الدنيا بحذافيرها أضعافا مضاعفة، كما أن الإسلام يفهم صاحب المال بأن ما بيده من المال ليس هو مالكه الحقيقي وإنما هو مستأمن عليه وسيتركه ويرجع كما بدأ حياته الدنيوية فلهذا لا يجوز له أن يتصرف في المال إلا وفق ما شرع له لا أن يتصرف فيه كما يشرعه هو لنفسه فيترك من يستحق الصدقة من الناس فيتصدق بثروته في غير محلها كأن يجعلها لكلبه مثلا كما يفعل في أوروبا.
والإسلام لا يقر الرأسمالية على مساوئها ولا غير الرأسمالية من المذاهب الوضعية الجاهلية التي لم تقم على الدين الذي ارتضاه الله تعالى وأكمله فقد قامت الحجة على كل إنسان خصوصا في عصرنا الحاضر بانتشار وسائل الاتصالات المختلفة ولا يمكن أن تسعد البشرية ما دامت الأنظمة الوضعية هي المساندة ولنا فيمن طبق الشريعة الإسلامية أقوى حافز وأنبل مثال قديما وحديثا ولله الحجة البالغة.
الأمر الثاني: الملكية الشيوعية الماركسية
سبق أن قامت الاشتراكية الشيوعية في اتجاه معاكس عارم ضد الرأسمالية الغربية والديانة النصرانية، وما تلا ذلك من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقلق العام الذي ساد الدول الغربية الكبرى بفعل المخططات اليهودية ومؤامراتهم المختلفة ولقد كان للاشتراكية صولات وجولات ودعايات قوية ووعود خلابة بأن الناس كما زعموا سيعيشون في سعادة وهناء تشبه الجنة التي وعدت بها الديانات في الآخرة بزعمهم ولكنهم ربطوا الوصول إلى هذه الجنة الدنيوية بتطبيق الشيوعية الحمراء التي جاء بها "كارل ماركس" ومن تبعه من طغاتهم "لينين" و"ستالين" وأضرابهم، والانضواء تحت راية الثورة الصناعية والعمل للجميع فقام الاقتصاد في مذهب الشيوعية الاشتراكية على أساس أن الملكية العامة لكل وسائل الإنتاج هي للدولة وحدها والمناداة بإلغاء الملكية الفردية ومصادرة كل شيء وجعله باسم الدولة ولكن كثيرا من الدول الشيوعية أدركت انهيارها اقتصاديا وفطنوا إلى أن السبب وراء ذلك هو عدم السماح بالملكية الفردية حيث فترت همم العمال ولم يعد فيها الحافز الكافي لزيادة الإنتاج فاضطرت الحكومات إلى السماح بالملكية الفردية في نطاق ضيق ولكن أخذت الأمور تتطور وتتفاقم النقمة على تلك الأوضاع إلى أن أطيح بالماركسية في عقر دارها – روسيا – وتنفس الناس الصعداء مما جعل الدول التي لا زالت متمسكة بالنظام الماركسي تتوجس خيفة وتخفف قبضتها على الشعوب رويدا رويدا. وتبين لجميع الشعوب الغبن الفاحش حين خدعوا الفقراء بما سموه دكتاتورية البروليتاريا التي لا تتحقق إلا بقيام الصراع الطبقي والاستيلاء على السلطة ومصادر المال وقد تطلب ذلك قيام الحركات الثورية الدموية في كل مكان استطاعت أن تصل إليه براثن الشيوعية بحجة إقامة حكم البروليتاريا وإسعاد الفقراء ولم يكتفوا بنزع الملكية الفردية بل نزعوا معها كل ما يمت إلى الأخلاق والأسرة تماما لأن بقاء الأسرة معناه بقاء الملكية الفردية كما تقدمت الإشارة إلى هذا.