وتبين بوضوح تام بعد فوات الأوان أن مناداة الشيوعية بنزع الملكية الفردية وحصرها في الدولة أنه من أحمق الحلول وأبعدها عن مصالح الشعوب فهي تقتل الحوافز المشجعة على العمل والتفاني فيه والإخلاص في القيام به فأي إخلاص سيأتي للعامل الذي لا يملك من وراء كده وتعبه غير لقمة العيش والباقي لغيره ولقد أحس الملاحدة هذه الهوة قبل أن تكتسح الشيوعية في مهدها فشددوا قبضتهم على الناحية الصناعية إذ يعرف المقصر في أي قطعة فيعاقبونه عقابا صارما قد يؤدي إلى قتله أمام زملائه فانتظمت له الناحية الصناعية نوعا ما بينما فشلت مراقبتهم في الناحية الزراعية فشلا ذريعا لصعوبة مراقبة الفلاحين وظهر هذا واضحا في البلاد الشيوعية في تخلفها في مجال الزراعة، بل وفي مجال الصناعة إذ لا مقارنة بين الصناعات الغربية والشيوعية ومن المعلوم أن الملكية الفردية هي نزعة فطرية في كل إنسان لا يمكن أن يتجاهلها ولا يمكن أن يتغلب على فطرته في مقاومتها كي يتركها بطوعه، ولعل هذا الجانب كان من العوامل التي أسرعت بانهيار الشيوعية رغم قوتها التي ما كان أحد يحلم بأنها ستسقط جثة هامدة في تلك الفترة الوجيزة من صحوة الشعوب الأوروبية الشرقية في ولاية "جورباتشوف" الذي تولى رئاسة الاتحاد السوفيتي بعد "بريجينيف" و"يوري أندروبوف" كما تبين كذلك أن التحريش بين الفقراء وأصحاب الأموال إنما هي خدعة لصرف الأنظار عن مقارعة الشيوعية وضرب الناس بعضهم بالبعض الآخر بزعم أن طبقة البروليتاريا طبقة العمال أو الكادحين طبقة مظلومة يجب أن تأخذ حقها من الأغنياء بالقوة.
فقد دعت الشيوعية إلى تأجيج الصراع الطبقي بين الملاك والفقراء وأوغرت صدور الفقراء على الأغنياء وأقنعتهم بأنه لا يمكن أن يصل الفقراء إلى العيشة الكريمة إلا بالإطاحة بطبقة الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال وسلبهم إياها عن طريق السلاح والقوة ليتم رفع مستوى الفقراء الكادحين – البروليتاريا – وتم لهم ذلك فبطش الفقراء بأصحاب الأموال وسلبوهم إياها وجاءت الدولة لتستولي على كل مصادر الحياة وتساوي بعد ذلك الأغنياء بالفقراء فلا بقي الأغنياء على غناهم ولا رفعوا الفقراء، وجنى الجميع بعد ذلك نار الحقد والبغضاء وتبخرت أماني الفقراء وذهبت أدراج الرياح كل ما وعدتهم به الطغمة الحاكمة الماركسية وبقي الجميع على همهم وغمهم إلى أن استطاعوا أن يتنفسوا الصعداء قبل ثلاث سنوات ومرغوا أنوف جبابرة الماركسية في الوحل وانتقم الله منهم وهو عزيز ذو انتقام وقد أدرك القارئ أنه لا مقارنة بين هذه الجاهلية الحمقاء وبين الإسلام ذلك أن الإسلام ليس فيه صراع طبقي ولا تأليب جماعة ضد جماعة أخرى بل الكل مؤمنون أخوة كالجسد الواحد والرزق بيد الله والعمل مشترك بين الجميع والتنافس المعتدل مطلوب وبهذا عاش الإسلام والمسلمون بخير ولم يعهد في أي حقبة من الزمن أن ثار المسلمون على الإسلام وطالبوا بإلغائه لما عهدوا فيه من الحق.
فتميز المجتمع الإسلامي بالتوادد والتراحم وامتاز بالكرم والقناعة والرضا بما قسم الله لكل شخص من الرزق فلا يجد الفقير حقدا على الغني ولا يشعر الغني بأن له الفضل على الفقير فعاش الجميع في سلام كل فرد راض بما أعطاه الله ولك أن تقارن بين البلدان التي اقتنعت بالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبين البلدان الكافرة التي لا تؤمن بذلك، لك أن تقارن بين الجرائم التي تحصل في البلد المسلم الملتزم والبلد الكافر تجد فرقا هائلا خياليا وذلك لخلو الوازع الديني وغلبة حب المال وقسوة القلوب التي لم يدخلها نور الإسلام.
وأما بقية التعاليم الشيوعية التي لا تتعلق بالجانب الاقتصادي فلا حاجة لنا بالتطويل بذكرها وذكر أشنع ما مر بالإنسانية في تاريخها الطويل في النظام الشيوعي الذي لا يبالي بقتل ثلاثة أرباع الشعب ليبقى الربع الأخير صالحا أي شيوعيا وهو ما طبقوه بالفعل في كثير من البلدان وكثير من البشر الذين لا يعلمهم إلا الله تعالى طبقوه حسب تعاليم "ماركس"، و "لينين"، و"ستالين" في أنه لا بأس بقتل ثلاثة أرباع الشعب ليبقى الربع الأخير على الشيوعية الماركسية ونظامها الإلحادي.