للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمضى الرجل وعفل ما امره المهلب، وكان في الكتاب: أما بعد، فأن نصالك قد وصلت الي، وقد وجهت اليك بالف د رهم، وزدنا منها، وزندك انشاء الله.

فوقع الكتاب إلى القطري، فدعا بابرى.

فقال له: ما هذا الكتاب؟ فقال ابرى: لا ادري.

فقال قطرى: فهذه الدراهم؟ قال ابرى: ما اعلم علمها.

فأمر به قطرى، فضربت عنقه.

فجاءه عبد ربه الصغير، مولى بني قيس بن ثعلبة.

فقال له: قتلت رجلا مؤمنا، على غير ثقة ولا تبين الا بكتاب كافر، فكان هذا اول اختلافهم، فرحل عنه عبد ربه مع من اتبعه.

فلما اختلفت كلمة الخوارج، ظفر بهم المهلب، وهزمهم، فلم يزل يهزمهم هزيمة بعد اخرى، حتى ادخلهم إلى اصبهان، والى اصطخر بلاد كرمان، فاستأصل الله شأفتهم، وهزمهم على يدي المهلب، وأبادهم حتى لم يبق من جمعهم احد الا من استتر في بعض قبائل العرب في البادية، أو هرب بروخه إلى اقاصي النغرب حتى كثر اليوم، وهو اكثر البلدان سراة، الا ان فيهم كثرة اختلاف في ذلك الذي شتت امرهم ومنعهم من القيام على كثرتهم.

فلما فتح الله على يدي المهلب، وهزم الاوارقة، ورجع الناس، واعل البصرة اليها، قالبصرة نسمى بصرة المهلب، اذاك، كان يكتب على الاموال، وهذا ما أفاء الله على المهلب بن أبي صفرة العتكي، وكان اعل الكوفة يقولون لاعل البصرة يا موالي المهلب.

وبعث المهلب بكتاب الفتح، مع كعب بن معدان الاشعري، احد بني عمرو بن مالك بن فهم، فلما قدم علىالحجاج. قال له: ياكعب اخبرني عن بني المهلب قال: لهم المغيرة سيدهم وفارسهم، وكفى بيزيد فارسا، وجوادا سمحا، وسخيهم قبيضة، ولا يستحي الشجاع ان يقر عن مدرك، وعبد الملك سم ناقع، وحبيب موت زعاف، محمد ايث غاب، وكقى بالمفضل نجدة.

قال له الحجاج، وقد غاضه صفته لهم، يريد ان يقط كلامه: فأين هم من الشيخ؟ قال كعب: فضله عليهم كفضلهم على الناس قال الخجاج: صدفت، فصف لي احوالهم.

قال كعب: هم حماة السرج نهار، فأذا الليل ففرسان الثبات.

قال الحجاج فأيهم كان انجد؟ قال كعب: كانوا كالحلقة المفرغة لا يدرى اين طرفها.

قال الحجاج فكيف كان لكم المهلب؟ وكيف انتم له؟ فال كعب: كان لنا مثل شفقة الوالد ن وله منا بر الولد.

فاعجب الحجاج من بلاغته عن جميع ما يأله عنه.

قال الحجاج: اكنت اعددت هذا الكلام.

قال كعب: ايها الامير، اكنت مطلعا على ضميرك، ختى اعلم ما تسألني عنه فاعتدله جوابا، ولا يعلم الغيب الا الله، وانما جوابي على قدر سؤال الامير، اعوه الله.

قال الحجاج: لله درك مثل يوعز إلى الملوك، فالمهلب كان اعلم بك حين وجهك. وامر له بصلة سنبية. وهذا والله هو الكلام المخلوق، لا ما يوضع اناس.

ولما قدم المهلب إلى الحجاج، بعد الفنح، واجلسه معه على السرير، واظهر اكرامه وبره. وقال: يا أهل العراق انتم عبيد المهلب. ثم قال له: انبت والله يا ابا سعيد كنا قال لقيط الايادي:

وقلدوا امركم لله دركم ... رحب الذراع بامر الحرب مطلعا

فقام اليه رجل فقال: اصلح الله الامير، والله لكأني اسمع الساعة قطريا، وهو يقول في المهلب، كما قال لقيط الايادي، ثم انشد الشعر فسر الحجاج، حتى امتلأ سرورا:

ما زال يحلب هذا الدهر اشطره ... يكون متبعا طورا ومتبعا

حتى اسننم على شزو مريرته ... مستخكم الرأي لا رأيا ولا ضرعا

لا مترفا ان رخاء العيش ساعده ... ولا إذا غص مكروه به خشعا

فقال خبيب بن عوف وكان من قواد المهلب:

ابا سعيد جزاك الله صالخة ... فقد كفيت ولم تعنف على احد

داويت بالخلم أهل الجهل فاتقمعوا ... وكنت كالوالد الحاني على الولد

قال المغيرة بن حيتل الحنظلي:

ان المهلب ان اشتاق رؤيته ... وامتدخه فان الناس قد علموا

ان الاديب الذي ترجي نوافله ... والمستعان الذي تجلي به الظلم

القائل الفاعل الميمون طائره ... ابو سعيد إذا ما عدت النعم

ازمان اومان ان عض الحديد بهم ... إذا تمنى رجال انهم هزموا

<<  <   >  >>