للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قص ذلك صاحب السياحة بسبب أنهم كانوا على الحدود بين إيران والعراق، في أنحاء مندلي فعلمنا هذا كله منه، والكتب الإيرانية أيضاً تتعرض لإمارة هؤلاء، وتتكلم عليها بسعة في مختلف الآثار. إلا أن القبائل التي ذكرناها هي قرى ائتلفت فكونت مجموعة نالت هذا الاسم أما تبعاً للمكان الذي اقامت فيه مدة، أو الى الرئيس الذي حكمها في وقت واشتهر اسمه ولكن الرياسة قسمت بالوجه المشروح، ولا تمثل أصل قبائلهم، ولا تشير الى اسم الفرع الذي التحق بالأمير. فكانوا قد توزعوها من قديم الزمان ولا يشترط أن يكونوا أجداد هذه القبائل، وإنما هم رؤساؤها وحكامها أو المتحكمون بها. بل جاء في الشرفنامة أنها كانت تابعة للدولة العثمانية، وإن الأمير منصور قتل أخاه شهباز في سنة ١٠٠٢هـ وإن الضريبة التي كانت تأخذها الدولة العثمانية منها في كل سنة أربعون ألف رأس من الغنم فلا شك أنها قديمة السكنى في مواطنها. (١) وإن أصل تكون الرياسة قد تعين، فاستولى هؤلاء على قبائل كلهر.

ومن أهم فروع هذه القبيلة " الداوده " وقد سبق ذكرها. ومن كلهور فروع عديدة توطنت العراق، وماعت بين أفرادها، فلا تعرف لها مجموعة كبيرة وإن كان لا يزال بعض الأفراد يحفظون انهم من هذه القبيلة. وحالة الأفراد مما لا يقام له وزن. والمطلوب بيان المجموعات. والتعريف بها في مختلف عصورها المعروفة.

ونعلم يقيناً أن " الإيوان " كان يحوي قديماً قبائل تركمانية، ورياستها كانت لابن برجم ولهم الإمارة على هذه القبائل والمنازعات بين المغول والتركمان دفعتهم الى نواح أخرى أو مالو الى المدن والقرى بل الملحوظ أن إمارة آل برجم كانت إمارة على الكرد. ولا يبعد أن يكون معه ترك وهذا هو الذي أرجحه فلما ذهبت هذه الإمارة ظهرت إمارة حلت محلها على قبائل كلهر وآخر من وليهم منصوري وشهبازي. بل إننا لم نستطع أن نعين إمارتهم بعد سليمان شاه الإيواني.

ومن الضروري أن نتحرى النصوص الموضحة لما كان خلال المدة بين قتلة سليمان شاه وظهور إمارة منصور وحدوثهم في هذه الأنحاء وسكناهم هذه المقاطعات لم يكن كما بين صاحب سياحتنامهء حدود بل أقدم بكثير.

وكل ما نقول هنا أن المسعودي، وإبن الأثير، والسمعاني والبدليسي قد عرفونا ببعض القبائل القديمة، ومن بينها " قبيلة كلهر " أو كلهور، فهي قديمة إلا أن سكناها في هذه الأنحاء القريبة من مندلي تدعو للالتفات، فهي محل نظر. ويفسر بأنهم مجاورون فتجاوزوا.

وكان صاحب نزهة الجليس قد مر بهم من العراق مجتازاً الى تلك الأنحاء وصل الى بلاد الروز " بلد روز المعروفة قديماً براز الروز "، ثم رحل منها الى بندر علي وكل هذه كانت من أنحاء بغداد، ثم جاء الى قرية سومار، ويسكنها أكراد كلهور وهي أو ل حد العجم يسكنها الأكراد ثم رحل الى قرية جمنسورت ويسكنها كلهور أيضاً: " أقمنا بها باعزاز وإكرام ثلاثة أيام في بيت حاكم الأكراد الأمير محمد علي خان، وفي كل يوم يخرج بنا بين تلك المياه والزهور والآكام والربا لصيد الأرانب والظبي ... وأسلوب هؤلاء الأكراد كالعرب البواد، تراهم في كل جبل وواد، متفرقين كالجراد " الى أن قال " ثم رحلنا من حمنسورت فأتينا قرية كيلانك. ثم رحلنا فأتينا الى قرية تسمى جشمه قنبر. ورحلنا، فأتينا " هارون آباد "، وهي قرية لطيفة. ورجعنا فأتيناالى ماهي دشت وكل هذه القرى عامرة. ورحلنا فأتينا مدينة كرمان شاه انتهى ". (١) وهذه القرى كلها - ماعدا كرمان شاه - من قرى كلهور ...

ومن أهم مواطنهم " الإيوان "، وهذا يقع في شمال " ده بالا " وشمالها الغربي وإن مياهه تروي قضاء مندلي، وتدخل حدود العراق. وتقرير الحدود لا يختلف في بيانه عن سياحتنامهء حدود. وهذه المياه أي مياه سومار وما يتصل بها وهو كنكر كانت تأتي من الأراضي بين الإيوان، وده بالا من مانشت الجبل المعروف من أقصى نقطة منهم، وهو من سلسة شيره زول، فتسقي مندلي وما يتصل به كقرية " دوشيخ "، و " قزانية " ... فإذا قطع حرمت مندلي وقراها من المياه، وتهددت حياة بساتينهم الأمر الذي يؤدي الى توتر العلاقات دائماً، ولا سبب لذلك سوى هذه القبيلة ... مما أدى الى النزاع على هذه الأراضي، وتجديد فتنها في كل سنة.

<<  <   >  >>