" هي كثيرة العدد والبطون، حمائلهم من أكابر الناس كرما ونجابة وبأسا، بطن من طئ القحطانية ... وكانت منازل بني لام في الاصل في المدينة الى الجبلين ... ثم أتوا الى العراق. " اه (٢) ٣ - بيت الرئاسة: ان هذه العشيرة توسعت كثيرا، وتفرعت الى فروع جديدة، منها من تولى الرئاسة ثم ان الاوضاع تنوعت، فلم تذعن لرئيس بعينه، وانما نرى كل رئيس اختص بمقاطعة أو مقاطعات بمن معه من عشائر. وفي حوادث عديدة جاء ذكر رؤساء توالى ظهورهم.
قالوا: وأول من نزح الى العراق الشيخ برّاك بن مفرج بن سلطان ويتصل نسبه بأوس بن حارثة. وهذا عبر شط العرب من أنحاء البصرة، ومال الى المولى (بركات) من المشعشعين فأحسن نزله، ونال مكانة عنده فمنح ابنه حافظا أنحاء العمارة، فاستقر فيها، وبعد مدة اذعنت له الاطراف، ولم يعد يطيع الموالي المشعشعين، وانتصر عليهم. وان حافظا هذا ترك ولدين نصيرا ونصارا، وان نصيرا ولي الرئاسة بعد والده. واعقبه ابنه فرج وهذا ترك له من الاولاد (عبد الشاه) ، و (عبد الخان) ، و (بلاسم) ، و (معلّى) ، و (طعان) . ومن هؤلاء (عبد الشاه) ولي الامارة بعد والده، وبعد وفاته صار مكانه أخوه (عبد الخان) ، ثم مات فخلفه ولده (جادر) وهو (عبد القادر) . وبعد وفاة عبد القادر تقلد الرئاسة سيد (عبد السيد) بن بلاسم. وهذا ولى بعده ابنه (مذكور) . وأما نصار فانه صار رأس فخذه ومنه تفرعت افخاذ تالية (رحمة) ، و (خميس) ، و (مرمر) ... كما يستفاد من المشجرات الموجودة.
وفي موجز تاريخ عشائر العمارة ان امارة بني لام من حين استولت على أنحاء العمارة تمكنت ودفعت سلطة الموالي المشعشعين، وان المولى فرج الله حارب مذكورا، فانتصر مذكور عليه.
ولما توفى مذكور خلفه ابنه مشعل. وهذا تقلّد محله ابنه جنديل الاول، وعرار بن عبد العالى بن مذكور. وبعد وفاة جنديل صار ابنه مذكور الثاني وكل من اخوته علي خان ومحمد. (١) وأمثال هذه نراها في عشائر كثيرة فان فكرة (بيت الرئاسة) تعد أصلا في تكون العشيرة وان باقي العشائر تتفرع منه وهذا مشهود في الكثيرين حتى في الدول لانكاد نجدها تنسب حادثا الا اليها. وربما لاتذكر من يبدى انتصارا للعشيرة أو العشائر التابعة. وانما يقتصر العمل على بيت الرئاسة وحده.
وفي بني لام وتكونهم لانرى ما يختلف عن هذا. فلم يعرف منهم غير شخص واحد عبر العراق من أنحاء البصرة وهو الشيخ برّاك بن مفرج قتل عمّه فمال الى الموالي (المشعشعين) ، وابدى قدرة ومهارة وحل ابنه حافظ لواء العمارة وتجلّت قدرته اكثر وحكم العشائر هناك. ومنه تفرعت الفروع المشهودة من عشائر بني لام من ذريته ...
والحوادث التاريخية المدونة تطعن في هذه الفكرة وتبطل القول بها مع وجود العشيرة سابقة لهذا العهد، وانها كانت في الحجاز فمالت الى العراق بعد ان كانت مع طيء بل من أشهر عشائرها. فكان الميل للعشيرة لا لشخص بعينه.
ولنا من التاريخ ما يؤيد هذه الجهة فان عشائر بني لام مالت الى العراق واكتسبت المكانة في محل وجودها اليوم. وكانت سلطتها أقوى واكبر. ورجالها لا يزالون على البداوة والكفاح، وانهم في نشاطهم الاول فتمكنوا ولم يؤثر فيهم الركود والاستقرار الا بعد ان غلبت عليهم حالة الارياف.
فهذا (يوسف عزيز المولوي) يكر في كتابه (قويم الفرج بعد الشدة) من الحوادث ما يبصر انهم كانوا من أوائل العهد العثماني يحكمون هذه البقاع من أيام السلطان سليمان الذي ورد بغداد سنة ٨٤١هـ - ١٥٣٤م. ولا شك انهم اغتنموا فرصة انشغال بال الدولة العثمانية، ودولة ايران فعزّ جانبهم، وتقووا على العشائر، ومكنوا السلطة. فلما فرغت الدولة العثمانية من مشاغل ايران التفتت الى حوادثهم فكانوا حجر عثرة في طريقها الى البصرة. وفي الغالب اختارت طريق المنتفق لما رأت من أوضاع هؤلاء وتخريبهم الطرق أو حالاتهم المعاكسة لها، أو رأت سهولة السير من طريق الشامية لئلا تكون المياه عثرة في طريقهم.