للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهرت ظهورا بينا فى المائة التاسعة والعاشرة للهجرة، وتوالى ذكرها. والاقوال فى أصلها عديدة منهم من قصر أمر ذلك الى المحفوظ من أنها تنتسب الى (شبيب) وهو جدّ أعلى. قال فى سياحتنامهء حدود: " ان شيوخ المنتفق ينسبون الى (أسرة شبيب) . وهى ليست من عشائر المنتفق. وردوا العراق قبل (١٥٠) أو (٢٠٠) سنة من الحجاز فاتصلوا بعشائر (بني مالك) ، و (الاجود) ، و (بني سعيد) . وكانت المنازعات بين هذه العشائر قائمة على قدم وساق. لم يهدأوا، فتوزعوا الرئاسة فيما بينهم. وكان آل شبيب أغنياء، وأهل حرمة، ومنزلة فاختاروا بوجه أن تودع مشيختهم الى أحد أفراد هذه الاسرة، فينقادوا لها جميعا، ويكونوا تحت امرتها. فبقيت الرئاسة فى نسل هذه الاسرة يتولاها الواحد بعد الآخر ... " اه (١) وأسرة آل شبيب تولت الرئاسة قبل مدة أكثر بكثير مما قدّره صاحب السياحة. وحوادثها مشهودة قبل الفتح العثماني الذى كان سنة ٩٤١هـ.

وهكذا نرى الاستاذ سليمان فائق فى رسالتيه يرى هذا الرأي (٢) والصحيح ان هؤلاء الرؤساء ألّفوا بين عشائر المنتفق لما كان لهم من وقائع جمعتهم ومن حرمة فى النفوس ومواهب عقلية فائقة. ثم تسلطوا عليهم. واستمروا حتى تمكنت الرئاسة. وقد أشار الى ذلك صاحب سياحتنامه حدود، والاستاذ سليمان فائق ذهب الى ان اسم المنتفق محرف من المتفق، وانه بسبب ايجاد الاتفاق عرفوا بهذا الاسم. وهذا غير صواب. وانما هو سابق لهذا العهد. ويراد به الذى يدخل النفق أى (السرب) وأصله اسم جدهم (المنتفق) الذى تسمت به العشائر المتفرعة منه أو المتصلة به بجد أعلى وهكذا العشائر الملحقة بهما ...

وهذا الاجمال لا يكفي. وانما نريد أن نعلم تاريخ امارتهم فى العراق، ونسبهم، وسائر أحوالهم. والاقوال فى هذه كثيرة. وغالبها يستند الى السماع، ولم يؤيد من حيث التاريخ. والمسموع يصلح تاريخا اذا كان غير مزاحم ولا معارض بنصوص سابقة.

١ - اتفق الكل على أن آل شبيب من الشرفاء. فهل هم من شرفاء مكة المكرمة خاصة المقطوع بنسبهم أم أنهم من (سادات المدينة) . وهذا ينافي المنقول اجماعا. فمن هو الذى تفرعوا منه. وما علاقة هؤلاء الشرفاء بالعراق فهل هم الذين حكموا الحلة فى أواخر أيام المغول، وداموا الى أيام الجلايرية وأميرهم الشريف أحمد بن رميثة ذكر ذلك فى تاريخ العراق بين احتلالين ان أمراء المنتفق هم الذين حكموا البصرة، ثم عادوا اليها، وانتزعتها الاميرة دوندي وابنها أويس الجلايري بعد انقراضهم من بغداد. وكان ذلك سنة ٨٢٠ هـ بالوجه المذكور فى تاريخ العراق (ج ٣ ص ٤٣) ، وأيده صاحب الانباء. وانتزعها العثمانيون منهم. وهم من الشرفاء توصلوا الى الحكم بقوة التدبير، وحسن ادارة العشائر وعدم المعارض ومما رسخ قدمهم انهم ذاقوا لذة الحكم، فصارت امارتهم تنزع اليه من أيام الشريف أحمد وجاء فى كتاب الانساب للسيد ركن الدين الحسينى النسابة عن الشريف أحمد انه قدم الى البلاد الفراتية من مكة وحكم بالحلة من العراق سبع سنين الى أن ولي الامر الشيخ حسن (أبو السلطان أويس) وحاربه وقتله فى شهر رمضان سنة ٧٤٢هـ ودفن بالمشهد الشريف المرتضوى عند عمه الشريف عبد الله فى الحضرة الشريفة. والشريف عبد الله انتقل من مكة الى العراق فى زمان السلطان خدابنده وأقطعه وعقبه العراق.

ومن أقدم النصوص التى عرفناها عن امارة البصرة ما جاء فى تاريخ الجنابى: " فى سنة ٨٢٠هـ - ١٤١٧م ملكت - دوندى - البصرة، وانتزعتها من مانع أمير العرب بعد حروب، وكان استيلاء العرب عليها فى عهد الجلايرية فى امارة احمد بن أويس (٧٨٤ هـ - ٨١٣ هـ) ، وقوي أمر دوندي، وانضم اليها جيش أحمد بأجمعه، ثم ملكت واسطا ... " اه.

وفى المنهل الصافى: " - بعد أن فرت من بغداد - أقامت تندو (دوندي) بششتر، فأقيم معها فى السلطنة السلطان محمود بن شاه ولد مدة، فدبرت عليه (تندو) ، وقتلته أيضاً بعد خمس سنين (فى الجنابى سنة ٨١٩ هـ وهو موافق لهذه البيانات) وانفردت بمملكة ششتر (تستر) ، ثم ملكت البصرة بعد حروب، وماتت بعد انفرادها بثلاث سنين (سنة ٨٢٢ هـ) فأقيم ابنها اويس بن شاه ولد مقامها " اه.

<<  <   >  >>