فالرئاسة العامة مثلا كان لها الاثر الفعال فى حياة العشائر. ومنها ومن الاتصال بالحوادث تعرف المكانة. وفى هذه الايام زالت الرئاسة أو سارت الى الزوال وصارت العشائر أقرب الى الاتصال بالموطن. وما ذلك الا لاحلال الوحدات الادارية محلها. وهذه تابعة لقوة الادارة وتمكنها من السيطرة أو العكس.
وصار الامل قويا فى الاستقرار وتكوين الحضارة بانكشاف المواهب وظهور الرئاسة الخاصة أو علاقتها بالوحدة الادارية، وبالتوجيه الحق، وان يتجلى حب الوطن والذود عن حوزة المملكة. ويترتب على هذا تحديد سلطة الرؤساء وتعيين موقفهم فى العلاقات بينهم وبين عشيرتهم بلا ضرر ولا ضرار.
كان يحسب للعشائر والامارات قوتها فى الادارة. وغالب حوادث العراق ناجمة من جراء صلتها بالادارة. وصارت اليوم فى جدال عنيف بين الرؤساء وعشائرهم فى تقليل المعهود، أو النزاع فى الاراضى. ولا تزال المناهج مضطربة. وتعد من المشاكل البارزة للعيان. واذا كانت الرئاسة شعرت بتبدل الحالة فقد حاولت الاستئثار بالارضين تعويضا لما فقدت، أو ان يقلل معهودها فيه. وهذا تابع لقدرة السلطة وضعفها. فأرادت أن تعوض ما فقدت من الرئاسة أو شعرت به من زوالها، فاغتنمت الفرصة. والعشيرة تعتقد ان الاراضى ملكها ولم تكن ملك الرؤساء. ويؤيدها تاريخ كل عشيرة أو تاريخ العشائر بوجه عام. وكذا الاستثمار المشهود بانتفاع الفلاحين.
والمطلوب حل المشكلة بالوجه الصحيح وبلا ضرر ولا ضرار. فالعلاقة معروفة للجانبين معاً. والاعتدال فى الحل ضروري. وقد سبق ان ذكرت ذلك فى المجلد السابق. وخير طريقة تحديد المعهود بلا اجحاف بجانب.
وجل أملنا أن تعرف الاوضاع القديمة بصفحاتها، ويستفاد من الحوادث السابقة، وينظر فى وجوه الحل، ويتبصر فى الامر. وكل غلطة تتوالى أخطارها. والاصل ادراك الحالة، واستخلاص ما هو الجدير بالاخذ.
ومن ثم تظهر القدرة فى ادارة العشائر، وتتبين السياسة الحكيمة.
وأمر آخر من مشاكلنا السياسية هو ان الوحدات الادارية لا تمثل المجموع العشائري وانما نرى المهمة فيه ان تفكك الوحدة العشائرية لاسباب قد زالت اليوم فمن اللازم ايجاد الوحدة الحقة، وتوجهها نحو التعاون، فقد زال الخوف من ثورة العشائر أو تشويش أمرها ... فلم يبق محل لمراعاة التفكك. والمهم اعادة التعاون بتوجيهه للصلاح. فهو الطريق الاجتماعي. ومن أهم ما هنالك التعاون الثقافي والاقتصادي. والتلازم لا ينكر. ومن ثم النظر فى التشكيلات الادارية. والاصلاح القليل يوجه نحو الفلاح. والتقسيمات الادارية للوحدات كان مبناها التخوف من وحدة العشيرة أو العشائر والآن زالت، ولكن حلت محلها مناطق الانتخاب ... ! ٢ - انساب العشائر العرب يراعون الجار، والنزيل. وكذا يعدون المولى منهم أي كأحدهم لا أن يعتبر نسبه كنسبهم ويقولون (مولى القوم منهم) أى حكمه حكمهم.
ويعبّرون عنه بقولهم فلان من بجيلة مثلا (مولاهم) . وهذه الكلمة تقرن باسم عشيرة فيقال (قيس مولاهم) أو (بجلى مولاهم) أو (هاشمي مولاهم) ... ولم نعرف الحاقا بنسب الا ان يكون قد اعترف الرجل بأن (فلانا ابنه) وليس له أب ليعتبر ابنه. وهذا أمر شرعي. وله قيمته فى البنوة. والمقر له بالنسب على الغير لا يعتبر ابنا لذلك الغير كأن يقول (فلان أخي) فلا يثبت نسبه من أبيه. وانما يراعى مقدار اعترافه. وليس (التبني) بنوّة حقيقية.
ولا يعرف العرب الخارج عن العشيرة معدودا منها بوجه. وانما يصح ان يكون حلفا أو نزيلا أو جارا. ويصح أن يكون تابعا أو مشاركا للعشيرة (بالدم والمصيبة) أو (بالراية) وهى اتفاق حربي ومثل هذه نتيجة عهود أو اختلاط وسكنى فتشترك فى (الصيحة) ولا يجعل للمرء حقا بحيث يعد من العشيرة. فلا اندماج بحيث لا يفرق فى النسب. وكل عشيرة يعرف بالتحقيق العميق ارجاع ما كان خارجا عنها الى أصله. ولا قيمة للمكاتبة. وانما نعرف (الرقيق المكاتب) بالوجه الشرعي.
وهذا مشاهد فى عشائر المنتفق، والعشائر العدنانية جمعاء كما عرف فى العشائر الزبيدية والطائية أو القحطانية. فاذا كان الاختلاط مشهودا فمن السهل ارجاع كل ما كان دخيلا فى فخذ أو عشيرة الى أصله فيعاد اليه. والامثلة كثيرة. ومنها ما مرت الاشارة اليه.