للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو متروك، أمّا بطلان متنها فمن وجوه:

أحدها: أنّ الرّواية تطعن في وجوه الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ، فهي تطعن في عليّ كما تطعن فيمن ذُكِر من الصّحابة، فلا يصدّق أنّ معاوية ومن معه من الصّحابة ليسوا أصحاب دين وقرآن، ونحن نعلم أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَكْتَبَ معاوية وجعله أميناً على القرآن وخبر السّماء.

ولا يصدّق أنّ عليّاً ـ رضي الله عنه ـ وهو من هو في العلم والفقه ينفي الدِّينَ عن أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأجل أنّهم في صفِّ معاوية! فهل يخفى على عليّ عدالة الصّحابة الثّابتة بالتّواتر في كتاب الله وسنَّةِ رسوله - صلى الله عليه وسلم - حتّى يتّهمهم بأنّهم ليسوا أصحاب دين، فإذا لم يكن أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أصحاب دين، فمن يكون إذاً؟!

وقد وضع العلماء قواعد لمعرفة الرّواية المختلقة، منها مخالفة الرّواية لما ثبت في الكتاب والسُّنَّة، وهذه الرّواية تخالفهما معاً؛ فهي تشكّك في عدالة الصّحابة، وعدالة الصّحابة قد نصّ عليها الكتاب والسُّنَّة.

الثّاني: الرّواية تتّهم الصّحابيّ زيد بن حصن الطّائي ثمّ السّنبسي (١) أنّه من قتلة عثمان ـ رضي الله عنه ـ، وأنّه من الخوارج، ونحن نعرف أنّه لا يُتَّهم أحدٌ من أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في دم عثمان ـ رضي الله عنه ـ وقد بيّنا ذلك في كتابنا (شهيد الدّار عثمان بن عفّان ـ رضي الله عنه ـ)، وليس في الخوارج أحد ممّن صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد ثبت أنّ ابن عبّاس قال للخوارج: " أتيتكم من عند صحابة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار، لأبلغكم ما يقولون فعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بالوحي منكم، وفيهم أنزل: وليس فيكم منهم أحد" (٢).


(١) ذكر الحافظ في ترجمته أنّه كان عامل عمر بن الخطّاب على حدود الكوفة، وقال: " وقد قَدَّمْتُ غير مرّة أنّهم كانوا لا يؤمِّرون في ذلك الزّمان إلاّ الصّحابة " ابن حجر " الإصابة " (م ٢/ج ٣/ ص ٢٦/رقم ٢٨٨٧)
(٢) الحاكم " المستدرك " (ج ٢/ص ١٥٠) كتاب قتال أهل البغي. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرِّجاه. وأخرجه النّسائي في " خصائص أمير المؤمنين عليّ " (ص ١٥٠)، وقال= = المحقّق: إسناده صحيح.

<<  <   >  >>