للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يشقّ عَصَاكم أو يفرّق جماعتكم، فاقتلوه " (١).

وهذا ممّا لا يخفى على الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ، الّذين لم يكن هناك من هو أشدّ منهم تعظيماً لأمر الله ورسوله، ولو كان ذلك كذلك لما كان معاوية ـ رضي الله عنه ـ معتقداً أنّه على الحقّ ولا الصّحابة الّذين معه، ونِسْبَة ذلك إلى الصّحابة تخطئة لهم.

ثمّ إنّه لم يَرِدْ من طريق صحيح ولا ضعيف أنّ عليّاً كان يريد عزل معاوية ـ رضي الله عنه ـ عن إمرة الشّام.

الثّاني: هذه الرّواية كغيرها من الرّوايات الباطلة تصوِّر الصَّحابيَّ الجليل عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ أنّه مخادع وغادر، وأنّ أبا موسى الأشعريّ ـ رضي الله عنه ـ مغفّل جاهل لا يعرف بالقضاء، أستغفر الله وأتوب إليه؛ فإنّ هذه الكلمات لا يطاوعني قلمي على تسجيلها، فكيف يستقيم هذا وأبو موسى كان واحداً من القضاة الفقهاء، فقد رُوي عن مسروق قوله: " القضاةُ أربعة: عمر، وعليّ، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنهم ـ " (٢).

وقال الحافظ في ترجمته لأبي موسى: " .... واسمه: عبد الله بن قيس: استعمله النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على بعض اليمن، واستعمله عمر على البصرة بعد المغيرة، افتتح الأهواز ثمّ أصبهان، ثمّ استعمله عثمان على الكوفة " (٣).

وقد فَقَّه أبو موسى الأشعريّ ـ رضي الله عنه ـ أهل البصرة، وأقرأهم القرآن، حتّى قال الحسن: " ما قَدِمَ البصرة راكبٌ خير لأهلها من أبي موسى الأشعري " (٤).

فهو الفقيه العالم بالقرآن والسُّنَّةِ، حسن الصّوت بالقرآن، روى مسلم عن عبد الله ابن بُرَيْدَة عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنّ عبدَ الله بن قيس أو الأشعري أُعطي


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٦/ج ١٢/ص ٢٤٢).
(٢) الحاكم " المستدرك " (ج ٣/ص ٤٦٥) كتاب معرفة الصّحابة.
(٣) ابن حجر " الإصابة " (م ٢/ج ٤/ص ١٢٠/رقم ٤٨٨٩).
(٤) الحاكم " المستدرك " (ج ٣/ص ٤٦٥) كتاب معرفة الصّحابة.

<<  <   >  >>