حصرًا لمسجده أو زيتًا لوقوده أو دراهم لمن يقوم بشعائره .. إلى غير ذلك ممَّا فيه نفع للفقراء والنذر لله - عَزَّ وجَلَّ -، وذكر الولى إنما هو محل لصرف النذر لمستحقيه القاطنين برباطه أو مسجده فيجوز بهذا الاعتبار، ولا يجوز أن يصرف ذلك لغنى ولا لشريف ذى منصب أو ذى نسب أو علم ما لم يكن فقيرًا ولم يثبت في الشرع جواز الصرف للأغنياء. اهـ.
(وجملة القول) أن الإجماع على حرمة النذر للمخلوق، وأنَّه لا ينعقد ولا تشتغل الذمة به، فله أن يتصرف فيه في حوائج نفسه ولا يجوز لخادم الشيخ أخذه إلا أن يكون فقيرًا أو عياله فقراء فيأخذونه على سبيل الصدقة المبتدأة، وأخذه أيضًا مكروه ما لم يقصد الناذر التقرب إلى الله تعالى وصرفه إلى الفقراء، ويقطع النظر عن نذر الشيخ، وأولى بالناس أن يتصدقوا بمثل هذه النذور على يتامى وفقراء بلادهم، فهم بها أولى، وإليها أحوج، مع ما في ذلك من توفير الراحة من عناء نقلها إلى أماكن الأولياء، إلى آخر ما هو مبسوط في الفروع فارجع إليها إن شئت.
اهتمام النِّسَاء بزيارة القُبُور
ومن المفاسد اهتمام النساء بزيارة القبور وإهمال الرجال، فقد عكس الشيطان على الناس قضية المشروع فإن الزيارة مستحبة للرجال لخبر مسلم:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة". قال الحافظ المنذرى: قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن زيارة القبور نهيًا عامًا للرجال والنساء ثم أذن للرجال في زيارتها واستمر النهى في حق النساء. اهـ.
وسر النهى أولًا عن زيارتها، أنه لما كان منشأ عبادة الأصنام من جهة القبور في قوم نوح نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في صدر الإسلام عن زيارتها سدًّا لذريعة الشرك لكونهم حديثى عهد بكفر، ثم لما تمكن التوحيد في قلوبهم أذن لهم في زيارتها وعلمهم كيفيتها تارة بفعله، وتارة بقوله كما مر في الأحاديث أول الفصل.
أما زيارة النساء للقبور فمن العلماء من حرمها مطلقًا، ومنهم من فصل بين الشابة وغيرها. قال في المدخل: إنما هذا الخلاف في نساء ذلك الزمان