المستشفيات أو الخيام التى تضربها وزارة الصحة في القرى التى ينزل بها وباء (الطاعون) ولو علموا مقدار حرص الأطباء فيها على حياة المرضى لأتوها ولو حبوًا، وأقبح من هذا أن منهم من يترك معالجة نفسه قائلًا:(الطبيب الله) وهذا لا يتفق مع مشروعية التداوى الذى لا ينافى التوكل على الله في شيء، ففى حديث البخارى "قال أنس: كُويت من ذات الجنب ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حي وشهدنى أبو طلحة وأنس بن النضر وزيد بن ثابت وأبو طلحة كوانى": أي باشر الكى بيده والبقية حاضرون "وكُويت"، بضم الكاف مبنيًّا للمفعول، والأحاديث في طلب التداوى كثيرة، نسأل الله تعالى دوام العافية.
الفصل العاشر في بِدَع الضِّيَافَة والوَلَائِم
الضِّيافَة من المعانى الكاملة، والأخلاق الفاضلة، وأثر كمال الإيمان، ففي الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه:"من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليصل رحمه" وإكرامه يكون بالبشر في وجهه، وإظهار السرور له، وطيب الحديث معه، وإجلاسه في صدر المجلس، وخدمته بنفسه، وإطعامه ثلاثة أيام بقدر وسعه، ثم موادعته بلطف، وفيهما أيضًا عن أبى شريح رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته" قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟ قال:"يومه وليلته، والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه" وأول من ضيف الضيفان إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان يكنى أبا الضيفان، كان إذا أراد الأكل خرج ميلًا أو ميلين يلتمس من يأكل معه، فبصدق نيته دامت ضيافته في مشهده إلى يومنا هذا، فلا تنقضى ليلة إلا ويأكل عنده جماعة من بين ثلاثة إلى عشرة إلى مائة، وقال خَدَمة الموضع القائمون بنظافته وإيقاده: إنه لم يخل إلى الآن ليلة عن ضيف.
أما الضيافة اليوم فقد أصبحت ثقيلة على النفوس من شؤم البدع السيئة التى أدخلت فيها وإهمال آدابها التى لو رعيناها حق رعالتها لأنتجت الضيافة محبة وائتلافًا بين الأمة. وبدع الضيافة كثيرة نذكر طرفًا منها لتقيس عليه ما لم نذكره: