النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم الأشج فأناخ راحلته ثم عقلها ثم طرح عنه ثوبين كانا عليه وأخرج من العيبة ثوبين حسنين فلبسهما وذلك بعين رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يرى ما يصنع، ثم أقبل يمشى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال صلى اللّه عليه وآله سلم؟ "يا أشج إن فيك خلقين يحبهما اللَّه ورسوله". قال: ما هما بأبى أنت وأمى يا رسول اللّه؟ فقال:"الحلم والأناة "، فقال: خلقان تخلقتهما أو خلقان جبلتهما. قال:"بل خلقان جبلك اللَّه عليهما"، فقال: الحمد للّه الذى جبلنى على خلقين يحبهما اللّه ورسوله) متفق عليه. والأشج: هو العبدى ويقال له: أشج عبد القيس، وأشج بنى عصر مشهور بلقبه اسمه المنذر بن عابد ابن الحارث، كان قدومه ومن معه سنة عشر من الهجرة وكان قد تخلف عن أصحابه وهو أصغرهم سنًّا وهم أقبلوا بثياب سفرهم فقابلوا النبي - صلى الله عليه وسلم -. العيبة -بالفتح-: هي شبه الخرج، والحلم: العقل، والأناة: كقناة التثبت وعدم العجلة.
(وأما الثانى): فإن سلمنا أن لا دليل عليه بخصوصه فهو من قبيل المصالح المرسلة وقد مر أنها ثابتة في الشرع وباقى أمثلة هذا القسم لا تخفى على بصير.
والمذكور في قسم المباح مسألة الناخل ونحوها وليست في الحقيقة من البدع، بل هى من باب التنعم ولا يقال فيمن تنعم بمباح أنه قد ابتدع (وإنما) يرجع ذلك إذا اعتبر إلى جهة الإسراف في المأكول؛ لأن الإسراف كما يكون في جهة الكمية يكون في جهة الكيفية، فالمناخل لا تعدو القسمين فإن كان الإسراف من ماله ولم
يكره اغتفر وإلا فلا، مع أن الأصل الجواز، قال ابن عباس رضى اللّه عنهما: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأك خصلتان: سرف ومخيلة -وهى بفتح فكسر فسكون-: الكبر والسرف -بقتحتين-: ضد القصد.
(وأما قسم التحريم) فليس فيه ما هو بدعة هكذا بإطلاق، بل ذلك كله مخالفة للأمر المشروع فلا يزيد على تحريم أكل المال بالباطل إلا من جهة كونه موضوعًا على وزان الأحكام الشرعية اللازمة كالزكوات المفروضة والنفقات المقدرة، فلا يصح أن يطلق القول في هذا القسم بأنه بدعة دون أن يقسم الأمر في ذلك.
(وأما قسم المكروه) ففيه أشياء هي من قبيل البدع في الجملة ولا كلام