الطعام على السفرة الموضوعة على الأرض فهو أقرب إلى فعل رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم من رفعه على المائدة "وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا أتى بطعام وضعه على الأرض" رواه أحمد، فهذا أقرب إلى التواضع، فإن لم يكن فعلى السفرة. انتهى.
المقصود منه: ومن هذا تعلم أن أبا حامد -رحمه اللّه- من القائلين بالتقسيم، وأنَّه يطلق البدعة على الأمر المحدث عبادة كان أو عادة (ومنها) الأكل بالملاعق، (ومنها) التوسع في الطيب من المأكل والمشرب والملبس والسمكن، (ومنها) العلامة الخضراء أحدثت سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بأمر الملك شعبان بن حسن ابن محمد بن قلاوون. فلا يؤمر بها الشريف ولا ينهى عنها غيره؛ لأن الناس مضبوصون بأنسابهم. وليست هذه العلامة مما ورد بها الشرع فتباح. أقصى ما في الباب أنه حدث التمييز بها لهؤلاء وقد يستأنس لها بقوله تعالى:{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ
مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} (١) وقد استدل بها بعض العلماء على تخصيص أهل العلم بلباس يتميزون به ليعرفوا فيبجلوا أو يسألوا تعظيمًا للعلم ونشرًا له وهو وجه حسن.
الرابعة: البدعة المحرمة: وهى ما تناولته قواعد التحريم وأدلته من الشريعة كالمكوس، والمحدثات من المظالم، والمحدثات المنافية لقواعد الشريعة. كتقديم الجهال على العلماء وتولية الناصب الشرعية من لا يصلح لها بطريق التوريث بعلة أن المنصب كان لأبيه وهو في نفسه ليس بأهل ولدرء هذه المفسدة وجب امتحان طلبة العلم ليعرف الكفء للوظائف الدينية وغيرها، فنأمن شر من يتولاها ممن ليس لها أهلًا. وقد يستأنس له بما وقع منه صلى اللّه عليه وآله وسلم مع معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن قاضيًا فإنه امتحنه إذ قال له:"كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ " قال: أقضى بما في كتاب الله. قال:"فإن لم يكن في كتاب اللَّه؟ " قال: فبسنة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -. قال:"فإن لم يكن في سنة رسول اللَّه؟ " قال: أجتهد رأيي لا آلو. قال معاذ: فضرب بيده في صدرى وقال: "الحمد للَّه الذى وفق رسول رسول اللَّه لما يرضاه رسول اللَّه" رواه أبو داود، وبما رواه البخارى من حديث ابن عمر رضى اللّه عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المؤمن فحدثوني ما هى؟ " فوقع الناس في شجر