تحته من الأحكام ما لا يأتى عليه الحصر، وما أصرحه وأدله على إبطال ما ذهب إليه الفقهاء من
تقسيم البدع إلى أقسام وتخصيص الرد ببعضها بدون مخصص من عقل ولا نقل!! فعليك إذا سمعت من يقول:"هذه بدعة حسنة" بالقيام في مقام المنع مستندًا له بهذه الكلية وما يشابهها من نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "كل بدعة ضلالة" طالبًا لدليل تخصيص تلك البدعة التى وقع النزاع في شأنها بعد الاتفاق على أنها بدعة، فإن جاءك به قبلته، وإن كاع كنت قد ألقمته حجرًا واسترحت من المجادلة، وقوله: كاع، هابه وجبن عنه تقول: كعت عنه أكيع، وأكاع كيعًا، وكيعوعة لغة في كعت عن الأمر أكع إذا هبته وجبنت عنه فهو كائع وكاع على القلب، ومثل هذا القول من الشوكانى مبنى على ظن أن الذاهبين إلى أن من البدعة ما هو حسن يتوسلون بذلك إلى استحسان ما يستقبحه الشرع وحاشاهم أن يفعلوا هذا وهم من العلماء الأجلاء، وسيأتى سندهم في هذا التقسيم -إن شاء اللّه تعالى-.
(وقال الحافظ ابن حجر) في "الفتح": هذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعده، فإن معناه من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله لا يلتفت إليه.
(وقال الإماء النووى): وهذا الحديث مما ينبغى حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به.
الفصُل الثالث في أقسَام البدعة
تنقسم البدعة باعتبارات إلى قسمين: عام، وخاص:
(أما الأول): وهو ما يمكن جريانه في الطريقتين، فمن وجوه:
(الوجه الأول): تنقسم إلى فعلية وتركية، فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريمًا للمتروك أو غير تحريم، فإن الفعل مثلًا قد يكون حلالًا بالشرع فيحرمه الإنسان على نفسه بالحلف أو يتركه قصدًا بغير حلف، فهذا الترك إما أن يكون لأمر يعتبر مثله شرعًا أو ألا، فإن كان لأمر يعتبر فلا حرج فيه، كالذى يحرم على نفسه الطعام الفلانى من أجل أنه يضره في جسمه أو عقله أو دينه وما أشبه ذلك، وكالذى يمنع نفسه من تناول اللحم لكونه مصابًا بمرض الكلى فإنه يهيجه عليه فلا مانع من الترك، بل إن قلنا بطلب التداوى للمريض كان