للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} (١)، وقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} (٢) أي من اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطاعته فيما جاء به لكان ذلك خيرًا لهم في العاجل والآجل وأشد تقوية ورسوخًا لإيمانهم وأخلاقهم؛ لأن الأعمال هى التى تنمى شجرة الإيمان وتطبع الأخلاق في نفس العامل، وماذا يكون لهم بعد التثبيت؟ فقيل: وإذا لو ثبتوا لآتيناهم من لدنا أجرًا عظيماً ولهديناهم صراطًا مستقيمًا هو طريق العمل الصالح على الوجه الصحيح أي وفقناهم لازدياد الخيرات، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} (٣) أي آمنوا بالرسل المتقدمة، اتقوا الله فيما تأتون وما تذرون وصدقوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - يعطكم نصيبين من إحسانه لإيمانكم بالرسول وبمن قبله من الرسل ويجعل لكم نورًا تمشون به في طرق الخير، ويوم القيامة ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، ويغفر لكم ما أسلفتم من الكفر والمعاصى.

(الوجه الخامس): تنقسم إلى كلية وجزئية فإن الخلل الناشئ عنها قد يكون كليًّا في الشريعة فتكون كلية، كبدعة التحسين والتقبيح العقليين ومنها أن إرسال الرسل من الجائز العقلى عند أهل السنة وأوجبه العتزلة بناء على قاعدة وجوب الصلاح والأصلح فيقولون: النظام المؤدى إلى صلاح النوع الإنسانى على العموم في المعالق والمعاد لا يتم إلا ببعثة الرسل وكل ما هو كذلك فهو واجب على اللّه تعالى. وأوجبه أيضًا الفلاسفة بناء على قاعدة التعليل أو الطبيعة فيقولون: يلزم من وجود العالم بالتعليل أو الطبع ويلزم من وجود العالم وجود من يصلحه. وأحاله السُّمنية والبراهمة، زعموا أن إرسال الرسل عبث لا يليق بالحكيم؛ لأن العقل يغنى عنه،

فإن الشئ إن كان حسنًا عند العقل فعله وإن لم تأت به الرسل، وإن كان قبيحًا عنده تركه وإن أتت به الرسل، وإن لم يكن عنده حسنًا ولا قبيحًا، فإن احتاج إليه فعنه وإلا تركه. نعوذ باللّه من الضلال.

والسُمَنية - بضم السين وقتح الميم مخففة-: نسبة إلى سومنات بلد بالهند وهم فرقة يعبدون الأصنام، والبراهمة نسبة إلى رئيسهم برهام وهم قوم كفار. وبدعة


(١) [سورة محمد: الآية ١٧].
(٢) [سورة الحديد: الآية ٢٨].
(٣) [سورة النساء: الآية ٦٨].

<<  <   >  >>