رأوه لم يقوموا له إجلالًا لكرامته لذلك قال أنس:"ما كان شخص أحب إلينا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك" رواه الترمذى قال: حسن صحيح، وقال مرة:"إذا رأيتموني فلا تقوموا كما تصنع الأعاجم" رواه أبو داود وابن ماجه، وقد تقدم بلفظ آخر.
(وصفوة القول) أن حب القيام محرم بالإجماع، وأن القيام للبر والإكرام من البدع التى هى وسيلة إلى هذا المحرم وهو حب القيام من المقبل ولو للوالدين والمشايخ على هذا الوجه، وأن القيام لأجل المصافحة أو المعانقة أو المشى خطوات للقادم من سفر أو لتوسعة المكان أو نحو ذلك من المصالح لا محظور فيه.
وأما تقبيل اليد لمن يحب ذلك فلا خلاف في منعه أيضًا (نعم) يجوز تقبيل يد العالم والوالد والصالح إذا كانوا لا يحبون تقبيل أيديهم، وهو مجمل ما ورد من
تقبيل الصحابة وغيرهم ليد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقبيل بعض الصحابة ليد البعض، وكذا السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وتقدم تفصيل ذلك في بدع المقابر والأضرحة.
وأما المصافحة فهى سنة عند اللقاء، ففى الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تلاقى الرجلان فتصافحا تحاتت ذنوبهما وكان أقربهما إلى الله أكثرهما بشرًا" رواه أبو داود والترمذى، وعن قتادة:"قلت لأنس بن مالك رضي الله عنه: أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم" رواه البخارى والترمذى، ونحو ذلك من الأحاديث الدالة على مشروعية المصافحة عند اللقاء. أما عقب الفراغ من الصلاة فغير مشروعة، وكان شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام ينهى عنها وينكرها على فاعلها ويقول: إنما شرعت المصافحة عند اللقاء.
أما من هو جالس مع الإنسان فلا يصافحه، وبالله تعالى التوفيق.
[الفصل الثاني عشر في خرافات العامة وأوهامهم]
لا ريب أن من وسائل السعادة صيانة الأذهان من دنس الأوهام، وصفاء العقول من كدرات الخرافات، فإن العقول متى تلوثت بخرافة قام بينها