للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهواه {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (١).

فلاريب أن السير وراء الهوى يعمى باصرة القلب حتى لا يدرك للخير سبيلًا،

نعوذ بالله من الخذلان، عن سهل بن عبد الله التسترى (٢): "من أخذ مهنأه في هذه الأيام الخمسة لم ينل مهنأه في الآخرة". أراد العيدين والجمعة وعرفة ويوم عاشوراء، وعنه أيضًا: "أيام يرجى فيها الفضل من الله، فإذا اشتغلت فيها بهواك ومتعت فيها النفس بالشهوات فمتى ترجو الفضل والمزيد؟ "، وعن الإمام الشافعى رحمه الله: "بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلتى العيد، وليلة الجمعة"، وعنه - صلى الله عليه وسلم - "من أحيا ليلة الفطر والأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" رواه الطبرانى في "الأوسط" و "الكبير". والإحياء يكون بالذكر والصلاة وغيرهما من الطاعات، وسنذكر لك شيئًا ممَّا شرعه الله في هذه الأعياد والمواسم وما زينه الشيطان فيها من البدع فتنة للناس فنقول:

(العيدان الأول والثانى: الفطر والأضحى) من الأعياد الشرعية الفطر والأضحى شرع الله إحياء ليلتيهما بالعبادة للحديث السابق، ولحديث أبى أمامة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قام ليلتى العيدين محتسبًا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" رواه ابن ماجه ورواته ثقات، وجعل الجزاء حفظ القلوب من الموت يوم تموت القلوب وموتها يكون بشغفها بحب الدنيا أخذًا من حديث: "لا تدخلوا على هؤلاء الموتى"، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: "الأغنياء"، وقيل: "الكفرة" لقوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} (٣): أي كافرًا فهديناه. وقد أغفل الناس هذه السنة وتشاغلوا في ليلتى العيد بالمبيت في المقابر أو بتدبير شهواتهم التى يأتونها أيام العيدين. وشرع الله - من غروب الشمس ليلتى العيد إلى الدخول في الصلاة - والتكبير مع رفع الصوت ندبًا في المنازل والأسواق والطرق ليلًا ونهارًا إظهارًا لشعار العيدين، وقد أهمل الناس هذه السنة حتى لو أتى


(١) [سورة القصص: الآية ٥٠].
(٢) بضم التاء الأولى وفتح الثانية، ويجوز ضمهما منسوب إلى تستر مدينة بخوارستان، سكن البصرة، وصحب ذا النون المصرى، تُوفِّى سنة ثلاث وثمانين.
(٣) [سورة الأنعام: الآية ١٢٢].

<<  <   >  >>