للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باطل غير معتد به ولا معَوَّلٍ عليه، وهو عام مخصوص بالمحدث الذى لم يشرع بالكلية كنذر القيام وعدم الاستظلال، أو دل الشرع على حرمته لذاته كصلاة بلا ركوع، أو لخارج لازم كصلاة بلا طهارة. أما لو كانت حرمته لخارج عنه غير لازم كالبيع وقت النداء، أو الصلاة في أرض مغصوبة فلا يكون باطلًا.

وبيان الرواية الثانية: "من عمل عملًا" المراد منه ما يشمل عملى القلب واللسان لما عرفت أن القول والاعتقاد كذلك. "ليس عليه أمرنا فهو رد"، وقوله:

"من عمل عملًا": أي محدثًا له أو تابعًا فيه غيره من غير إحداث منه له. فاستفيد منها زيادة على ما مر رد ما قد يحتج به بعض الفاعلين للبدعة من أنه لم يخترع ولم يحدث شيئًا وإنما المخترع والمحدث من سبقه، ويحتج على ذلك بالرواية الأولى فيرد عليه بهذه الرواية الصريحة في رد المحدثات المخالفة للدين الخارجة عما شرعه الله عزَّ وجلَّ على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - سواء أحدثها أو سبق بإحداثها.

الدِّين هو ما شرعهُ اللَّه تعالى:

ولزيادة البيان في هذا المقام نقول: معلوم أن الدين هو ما شرعه الله تعالى على لسان رسوله الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه من العقائد والعبادات، وأنَّه جلَّ ثناؤه كما علمنا كيف نعبده ونتقرب إليه بما يصلح قلوبنا ويهذب نفوسنا من أنواع القرب، كالصلاة والزكاة والصيام والحج، علمنا كيف يعامل بعضنا بعضًا بتبادل المنافع، ومرافق هذه الحياة من بيع وشراء، وإجارة وقرض، وشركة ورهن، وزواج وخلع، لحفظ نظام المجتمع من الفوضى والاضطراب، وقد رسم لعباده في نوع العبادات رسومًا لبيان كميتها، وكيفيتها، وأوجب عليهم أن يقفوا عندها، وحرم عليهم أن يتعدوها؛ لأنَّه تعالى أعلم بما يصلح أرواحهم ويزكى نفوسهم، فكان المرجع إليه تعالى، وإلى رسوله صلوات الله وسلامه عليه في بيان ذات العبادة وكيفيتها، فليس لأحد كائنًا من كان أن يخترع عبادة، أو يحدث فيها هيئة من عند نفسه يزعم التقرب بها إلى مولاه، فذلك عين المشاقة والضلال المبين.

<<  <   >  >>