بقى أن الذريعة هى الوسيلة للشئ وهى ثلاثة أقسام: ما أجمع الناس على سده، وما أجمعوا على عدم سده، وما اختفلوا فيه. (فالمجمع) على سده كالمنع من سب الأصنام عند من يعلم أنه يسب اللّه تعالى حينئذ، وكحفر الآبار في طريق المسلمين إذا علم أو ظن وقوعهم فيها، وإلقاء السم في أطعمتهم إذا عدم أو ظن أنهم يأكلونها فيهلكون، (والمجمع) على عدم سده كالمنع من زراعة العنب خشية الخمر، والتجاور في البيوت خشية الزنا، فلم يمنع شيء من ذلك ولو كان وسيلة للمحرم، والمختلف فيه كالنظر إلى المرأة؛ لأنَّه ذريعة للزنا بها، وكذلك الحديث معها.
ومن البدع الفاشية بين الناس الكتابة على القبور سواء فيها كتابة اسم الميت ونسبه أو غيرها وسواء كانت في لوح أو حجر يوضع عند رأسه أو غير ذلك كالستور التى توضع على أضرحة الأولياء والعلماء وخصوصًا كتابة القرآن فإنه لاشك في حرمته لتعريضه للامتهان والتنجيس من آثار الموتى، فقد روى أبو داود عن جابر -رضى اللّه عنه-: "أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن تجصيص القبر أو يكتب عليه أو يزاد عليه" واستثنى بعضهم من ذلك كتابة أسماء الأولياء والعلماء لأجل أن يزاروا ويحترموا.
ومن هذه البدع تجصيص القبور والبناء عليها في حريم القبر أو خارجه فيتناول البناء على نفس القبر أو بناء تحويطة وقبة عليه، ومن البناء التركيبة المعروفة، ومثل البناء ما يسمى بالتابوت والمقصورة وقد تغالت الأغنياء في وضع التراكيب وإبداع المقاصير حتى صار الغرض منها الزينة والتفاخر، وهان عليهما صرف الأموال في سبيل الشيطان وما هو من شعار الجاهلية التى فطم الشارع عنها. روى مسلم في صحيحه عن جابر -رضي الله عنه-: "أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن تجصيص القبر وأن يبنى عليه" سواء أكان البناء في مقبرة مسبلة وهى ما اعتيد الدفن فيها عرف مسبلها أو لا، أم في مقبرة موقوفة، إلا إذا دعت ضرورة للبناء ارتكب بقدرها كأن يخشى نبش القبر من نحو آدمى أو سبع أو هدم سيل، قال الإمام الشافعى رحمه اللّه في "الأم": وأحب أن لا يزاد في القبر تراب من غيره، وإنما أحب