وبعضها مقتصر على المعنى الشرعى العام، والبعض على الخاص.
فمن الأول (الشرعى العام) قول العلامة العينى في "عمدة القارئ": والبدعة لغة كل شَئ عمل على غير مثال سابق، وشرعًا إحداث ما لم يكن له أصل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهى على قسمين: بدعة ضلالة، وبدعة حسنة، وهى ما رآه
المسلمون حسنًا، ولا يكون مخالفًا للكتاب أو السنة أو الإجماع، وقريب منه قول الحديدى في "شرح نهج البلاغة": لفظ البدعة يطلق على مفهومين: أحدهما ما خولف به الكتاب والسنة، مثل صوم يوم النحر، وأيام التشريق، فإنه وإن كان صومًا إلَّا أنه منهى عنه، والثانى ما لم يرد فيه نص، بل سكت عنه ففعله المسلمون بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما روى من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" محمول على تفسير البدعة بالمفهوم الأول، وقول عمر رضى الله عنه في صلاة التراويح: إنها لبدعة ونعمت البدعة هى: محمول على التفسير الثانى. اهـ.
ومن الثانى (الخاص) قول الإمام الزركشى في قواعده: البدعة في الشرع موضوعة للحادث المذموم، وقول السيد السند في تعريفاته: البدعة هى الأمر المحدث الذى لم يكن عليه الصحابة والتابعون، ولم يكن مما اقتضاه الدليل الشرعى.
وظاهر أن كلًّا من المعنيين لا يصح أن يكون للمعنى اللغوى لأعميته منهما، فوجب أن يكون بيانًا للمعنى الشرعى.
ثم إن العمومات الواردة في لسان الشرع مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل بدعة ضلالة" لابد من اعتبار التخصيص فيها إن أريد معنى البدعة على المعنى الثانى في الطريقة الثانية. وإن أريد المعنى على الطريقة الأولى فهى على ظاهرها لا تخصيص فيها وسيأتى الكلام على ذلك مفصلًا.
[مقارنة بين معنى البدعة على كل من الطريقتين]
١ - النسبة بين الرأيين على الطريقة الأولى: العموم والخصوص المطلق يجتمعان في الحادث المذموم العبادى كنِحَل الهند، وينفرد الثانى في العادى كالمكوس والأكل على الموائد ونخل الدقيق.