صفة المسجد للانقطاع للعبادة وحفظ القرآن الكريم، وقواعد الصرف تأباه، وقيل: إنه مأخوذ من الصفاء وهو كسابقه، وأشهر الأقوال وأقربها إلى اللفظ أنه نسبة إلى الصوف لأن القوم كانوا يكثرون من لبسه والله أعلم.
الفصْل التاسع في بِدَع الاعتقَادَات
أعلم أن الاعتقادات على نوعين:
(النوع الأول): الاعتقادات التى ذهب إليها الفرق الضالة التى أشار إليها الحديث، ولا كلام لنا فيه فإن الكتب الكلامية قد كفتنا مؤنته، على أن أغلبها قد أماته الله وانقرض المنتحلون لها، وكفى الله المؤمنين القتال، شأن الباطل أمام قوة الحق، إن الباطل كان زهوقًا.
(النوع الثانى): العقائد السائرة بين الناس وقد يعتقدها بعض الخواص، وهذه ليس لها نسبة إلى طائفة معروفة، وهذا النوع هو الذى نريد إن شاء الله تعالى أن نوقفك على الأهم فيه، ثم نشرح لك حاله من الحسن والقبح معتمدين في ذلك على النصوص الشرعية والدلائل العقلية، وأقوال العلماء المرجوع إليهم فنقول:
(منها): اعتقاد العوام أن جبريل عليه السلام لم ينزل ولن ينزل بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- بناء على بعض آثار في ذلك دلت على أن جبريل عليه السلام لما اجتمع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- اجتماعه الأخير ودعه وقال له:"لا أنزل الأرض بعدك" وهذا لا أصل له ويرده خبر الطبرانى: "ما أحب أن يرقد الجنب حتى يتوضأ فإنى أخاف أن يتوفى وما يحضره جبريل عليه السلام" فإنه يدل على أن جبريل عليه السلام ينزل إلى الأرض ويحضر موت كل مؤمن مات على طهارة. قاله ابن حجر الهيتمى.
ونشأ من هذا الاعتقاد الفاسد ومن خبر باطل موضوع:"لا وحى بعدي" اعتقاد العامة أن لا وحى على الإطلاق بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سئل ابن حجر: هل يوحى إلى عيسى عليه السلام؟ فقال: نعم يوحى إليه عليه السلام وحي حقيقى كما في حديث مسلم وغيره عن النواس بن سمعان، وفى رواية صحيحة: "فبينما هو كذلك إذ أوحى اللَّه تعالى