الأدلة والقواعد بعد عرضها عليه ألحقت به، من إيجاب أو تحريم أو غيرهما، ولا خفاء في اختلاف رتبتها من جهة انقسام النهى إلى كراهة وتحريم وقد مرت أمثلتها على هذه الطريقة.
قال المحقق الشاطبى ما ملخصه: أعلم أننا إذا بنينا على أن البدع منقسمة إلى الأحكام الخمسة فلا إشكال في اختلاف رتبتها؛ لأن النهى من جهة انقسامه إلى نهى الكراهة ونهى التحريم يستلزم أن أحدهما أشد في النهى من الآخر، فإذا انضم إليهما قسم الإباحة ظهر الاختلاف في الأقسام، فإذا اجتمع إليها قسم الندب وقسم الوجوب كان الاختلاف فيها أوضح. اهـ.
[الفصل السابع في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وكيف يقوم به المرشد]
المنكر وكذا النكر: إذا وقعا في مقابلة المعروف بالمعنى الآتي فهو ما ليس معروفًا أنه دين وشرع، فهما بمعنى القبيح شرعًا حرامًا كان أو مكروهًا، فهو قسمان.
والمعروف: ما عرف بين الناس أنه دين الله وشرعه، فينتظم الواجبات والمندوبات، فهو أيضًا قسمان، ويقال بمعنى النصف وحسن الصحبة والرفق مع الأهل وغيرهم، نحو من كان آمرًا بالمعروف فليأمر بالمعروف، أي من أمر بالخير والطاعة فليأمر باللين والرفق، والمباح ما ليس معروفا ولا منكرًا، ولو أريد بالمعروف ما ليس بقبيح شرعًا اندرج فيه، وقد سبق أن المباح من الحسن شرعٌ عندنا.
وأما الحسبة بالكسر، فهى عبارة شاملة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، كما في الإحياء أخذًا له من الاحتساب في الأمر بمعنى حسن التدبير والنظر فيه، قال الأصمعى: فلان حسن الحسبة في الأمر، أي حسن التدبير والنظر فيه، ويقال: الاحتساب بمعنى أدخار الأجر عند الله تعالى، تقول: احتسب الأجر عند الله: ادخره لا يرجو ثواب الدنيا، ويقال: احتسب بكذا، اعتد به وأراد وجه الله تعالى.
فعلى هذا: المحتسب من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مطلقًا (نعم) قد شاع في العرف إطلاقه على خصوص من ولى ذلك من طرف الإمام، قال العلامة الشبراملسى: المحتسب من ولى الحسبة وهى الإنكار والاعتراض