للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقدمة الكتاب

في أَخبار الصَّادِق الْمَصْدُوق بغُربة الدِّين والحث على التَّمَسُّك بالكتاب والسُّنَّة

روى مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه، والنسائى عن ابن مسعود رضى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء". روايات الحديث: بدأ بالفعل المبنى للفاعل وضبطه الإمام النووى بالهمز بناء على الرواية وهو من البدء بمعنى الابتداء، وكان غريبًا لسبق الكفر عليه وإنكار الكفرة له، وسيعود غريبًا: أي لغلبة الجهالة وكثرة الضلالة فكان في الزمان الأول كالغريب لا يعرفه أحد، ومتى تركه أهله وانصرفوا عنه عادت له الغربة. أو أن أهل الدين في الأول كانوا غرباء ينكرهم الناس ويقاطعونهم، وكان حالهم مع أقاربهم أسوأ من حالهم مع الأجانب وسيكونون كذلك في آخر الزمان، فطوبى - أي الجنة - لأولئك الذين كانوا في أول الإسلام ويكونون في آخره بما صبروا على أذى الكفار والفجار وتمسكهم بدين الإسلام، ورواه الطبرانى وأبو نصر في "الإبانة" عن عبد الرحمن بن سنة بلفظ: "إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء" قيل: يا رسول اللَّه وما الغرباء؟ قال: "الذين يصلحون عند فساد الناس" (١)، وفى رواية أنه سُئل عن الغرباء؟ فقال: "الذين يحيون ما أمات الناس من سنتى" (٢). وجملة المقصود منه قد علم بالمشاهدة في أول الإسلام وآخره.

وبيان ذلك مفصلًا أن الله تعالى بعث النبي صلوات الله وسلامه عليه على حين فترة من الرسل وفى جاهلية جهلاء، لا تعرف من الحق رسمًا، ولا تقيم


(١) أي أنهم صلحاء عاملون بالكتاب والسنة في زمان فساد الناس بعدم العمل بهما.
(٢) وفى رواية قالوا: يا رسول الله، كيف يكون غريبًا كما يقال للرجل في حى كذا وكذا أنه لغريب؟

<<  <   >  >>