للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الميم واسمه كَناز بفتح الكاف وتشديد النون وآخره زاى، وعن أبى سعيد الخدرى -رضى اللّه عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" رواه أحمد وأبو داود والترمذى وغيرهم، وقال صلوات الله وسلامه عليه: "لعن اللَّه اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" متفق عليه.

والسر في ذلك أن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها، وقد ذكر ابن عباس -رضى اللّه عنهما -وغيره من السلف: "أن ودًا وسواعًا وأخواتهما كانوا قومًا صالحين من قوم نوح عليه السلام، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم وكان هذا مبدأ عبادة الأصنام" أخرجه ابن جرير. ولهذه المفسدة نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في المقبرة مطلقًا إن لم يقصد الصلاة عندها، ووقت طلوع الشمس وعند استوائها، وعند غروبها؛ لأنها أوقات يقصد المشركون الصلاة للشمس فيها فنهى أمته عن الصلاة وإن لم يقصدوا ما قصد المشركون سدًّا للذريعة وبعدًا عن التشبه بعبدة الأوثان.

(وعلى الجملة) تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركًا وإعظامًا، وكذا الصلاة عليها للتبرك والإعظام كما صرح به الإمام النووى في "شرح المهذب"، وليس معنى الإعظام أن تقصد أرباب القبور بالسجود فإنه كفر صراح، بل المعنى أنه بتحريه الصلاة للّه تعالى على هذا الوجه زاعمًا أنه أرجى للقبول عند اللّه تعالى ببركة صاحب الضريح يكون قد أعظم من شأن هذا الولى وهذا يقع كثيرًا من العامة.

* * *

بِنَاء المساجد على القُبُور

ومن هذه البدع بناء المساجد على القبور، ففى الحديث عن ابن عباس -رضى اللّه تعالى عنهما-: "أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" رواه أبو داود والترمذى وحسنه، وفى الصحيحين عن عائشة -رضى اللّه عنها-: أن أم سلمة ذكرت لرسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها: مارية فذكرت ما رأته فيها وقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "أولئك قوم إذا

<<  <   >  >>