للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعتقد نسبة الفعل إليه على أي وجه كان، فإلى اللّه وحده ترجع الأمور وهو وحده الفاعل المختار.

وذهب بعضهم إلى أنه علمه الصلاة والسلام إنما حكاه عن معتقد الجاهلية وهو قول عائشة رضي الله عنها، وبعضهم إلى أنه على ظاهره إن هذه الأمور قد تكون سببًا للشؤم فيجريه الله تعالى عند وجودها بقدره، ولا محظور في اعتقاد أن المذكورات أمارات، وأن الفاعل هو الله تعالى وحده. وقد جرى على هذا الحافظ السيوطى، قال في "فتح المطلب المبرور": إن حديث التشاؤم بالمرأة والدار والفرس قد اختلف العلماء فيه، هل هو على ظاهره أو مؤول، والمختار أنه على ظاهره، رهو ظاهر قول مالك. انتهى.

وقد علمت أن الحق خلاف ذلك، ولذا حمل الطيبى الحديث على الكراهة التى سببها ما في هذه الأشياء من مخالفة الشرع أو الطبع كما ذكرنا.

(فإن قيل) ورد في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل منا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إنا نزلنا دارًا فكثر فيها عددنا وكثرت فيها أموالنا ثم تحولنا عنها إلى أخرى فقلَّتْ فيها أموالنا وقل فيها عددنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ارحلوا عنها وذروها وهى ذميمة" وهو صريح في الدار تكون سبب الخير والشر فيكون حديث التشاؤم على ظاهره لا تأويل فيه.

(فالجواب) ذكر ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث أنه عليه الصلاة والسلام إنما أمرهم بالتحول لأنهم كانوا مقيمين فيها على استثقال لظلها واستيحاش بما نالهم فيها، وقد جعل الله تعالى في غرائز الناس وتراكيبهم استثقال ما نالهم السوء فيه، وإن كان لا سبب له فيه، وحب من جرى على يده الخير لهم وإن لم يردهم به، وبغض من جرى على يده الشر لهم وإن لما يردهم به. انتهى ملخصًا.

العَدْوَى والطِّيرَة والفَأْل

في صحيح البخارى عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم فرارك من الأسد".

<<  <   >  >>