للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، (١) ذلك حذر عمر رضي الله عنه أن يجاور المسمَّوْن أهل

الذمة، وأمر أن يكونوا بمعزل في موضع معلوم منحازين عن المسلمين لا يشاركونهم فيه، وكذلك هم لا يشاركون المسلمين في بقية البلد.

ونشأ منهم أيضًا أن كثيرًا من نساء الأغنياء في مصر يذهبن إلى الحلاق ليحلق لهن رءوسهن، ويلبسن عليها طاقية مخصوصة، يفعلن ذلك تقليدًا للأجنبيات استحسانًا لعادتهن في هذا مع أن الله جلت حكمته جعل شعر الرأس زينة للمرأة وجمالًا، وكلما كان طويلًا غزيرًا كان أكثر زينة وجمالًا لها، فانظر كيف فتنوأ بهذا التقليد الأعمى حتى استقبحوا زينة الله تعالى لهم، واستحسنوا قبائح الأجانب مع ما في ذلك من تشويه الخلقة، وكشف عورتها للحلاق الأجنبى فعلى المرشدين أن يشددوا النكير على ذلك، عسى أن يثوب المتفرنجون إلى رشدهم ويغاروا على الحرمات.

* * *

لماذَا أحجم الشُّبان عَنِ الزَّوَاج الشَّرعِيّ؟

يقول دعاة السفور: إن الحجاب سبب انتشار العزوبة وإعراض الشبان عن الزواج، يقولون ذلك رجمًا بالغيب وجهلًا بآداب الدين الحنيف، وكان عليهم لو أرادوا الإنصاف أن يتبينوا قبل أن يقولوا، ويرجعوا إلى هدى الدين قبل أن يضلوا، إنهم لو أمعنوا النظر لعلموا أن إعراض الشبان عن الزواج يرجع إلى سببين:

الأول مادى: وهو يتناول أمرين:

(أحدهما): ما درج عليه أهل مصر في هذا الزمان من تلك العادة الثقيلة والبدعة السيئة، وهى التغالى في المهور إلى حد يعوق الكثيرين من الشبان عن التوجه إلى طلب الزواج، وهم في شدة الاحتياج إليه.

(وثانيهما): كثرة النفقات، والإسراف في الكماليات، والخروج فيها عن الحد المعقول.

والسبب الثانى أدبى: وهو يرجع إلى خروج البنات متبرجات متهتكات، واختلاط الرجال بالنساء في بيوت التجارة وأماكن اللهو والفسوق، مع سوء التربية وفساد الأخلاق، فانعدمت ثقة الشبان بعفاف الفتيات؛


(١) [سورة التوبة: الآية ٣٢].

<<  <   >  >>