للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أخذه، فما ترى يا رسول الله، فوالله لا تنكحان أبدًا إلا ولهما مال، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يقضى الله في ذلك" فنزلت آية النساء {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ … } الآية، وقال -صلى الله عليه وسلم-: " ادع لي المرأة وصاحبها "، فقال لعمهما: "أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن

وما بقى فلك ". راجع "أحكام" القرآن لأبي بكر الجصاص وغيره من كتب السنة والتفسير.

وقد أجمعت الأمة على أن هذه الآية محكمهّ غير منسوخة، وأنها مثبتة لحظ الذكر والأنثى من الميراث وتفضيله عليها في الإرث، والحكمة في ذلك ظاهرة كما قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ … } (١)، وقوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (٢) فإن الرجل هو العنصر الأقوى والعامل الأقدر في المجتمع الإنسانى، وهو المنوط بالدفاع والرعاية، وهو القائم بشئون نفسه وعياله وزوجه في الحياة من نفقة وغيرها، والمرأة لا قدرة لها على جميع ذلك، ولا حاجة بها إلى ما يحتاج إليه الرجل من المال، بل نفقتها واجبة عليه. قد تأخذ مالًا بالإرث من زوجها، فوجب أن يفضلها الرجل في الميراث كما قضى الله تعالى به حيث راعى جانب كل منهما بقدر الحاجة والمصلحة.

فليس لأحد بعد هذا أن يستظهر على هذا الدين الحنيف ويقرر نظامًا آخر للتوريث بين الذكر والأنثى غير هذا النظام المحكم، فإن سولت له نفسه ذلك فهو كفر صراح إن جحد النصوص الواردة فيه، إثم عظيم إن كان من غير استحلال لما ابتدعه يستحق عليه شديد العقاب وأليم العذاب، وواجب على جماعة المسلمين أن يمنعوه عن هذه الغواية، ويشددوا النكير عليه حتى لا يجد إلى هدم الشريعة ونقض الأحكام والانفصام من عروة الإسلام سبيلًا يسلكه، وبالله تعالى التوفيق والهداية.

وقد نشأ من هذه المخالطة المشئومة أيضًا أن فريقًا من دعاة التمدن وزعماء الترقى يدعو إلى توسيع نطاق المرأة المسلمة حتى تكون على منهج المرأة الأوربية في السفور والتبرج والرقص في البارات، زاعمين أن الشريعة الإسلامية لا تأبى ذلك، وهكذا يوحى الشيطان إلى قلوب أوليائه كل ما يكيد به إلى دين الله، ولكن هيهات أن ينالوا بغيتهم


(١) [سورة النساء: الآية ٣٤].
(٢) [سورة البقرة: الآية ٢٢٨].

<<  <   >  >>