للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكمله كما قال عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" رواه أحمد والحاكم والبيهقى من حديث أبى هريرة رضي الله عنه، وما كان بعيدًا عن منهج الحق نائيًا عن الرشد نهى عنه وأمر بتركه؛ ولذلك جاءت الشريعة بالدعوة إلى التوحيد، وترك عبادة الأوثان، ووأد البنات، وتحريم السائبة، والوصيلة، والحامى، وما كانوا يتقربون به زلفى إلى الأوثان.

وما كان من هذه المعاملات غير صالح للبقاء ولا كفيل بمصلحة الأمة على ممر الأيام نسخ بأحكام أخرى تتضمن المصلحة الدائمة في كل زمان ومكان إلى يوم الدين، ومن ذلك نظام التوريث، فقد كانوا في الجاهلية وصدر الإسلام يتوارثون بأسباب عديدة كالدعوة والتبنى والحلف والمعاقدة والهجرة والمؤاخاة وكانوا يورثون الذكور المقاتلة دون الإناث ودون الصغار، إلى أن نزل قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (١)، وقوله تعالى: { … وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ … } (٢)، وقوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ} (٣)، وقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ … } (٤) الآية.

فنسخ التوارث بالسبب والنسب، على ما كانوا عليه في الجاهلية واستقر التواوث في الإسلام على هادا النظام المحكم الذى نص الله تعالى عليه في كتابه العزيز وبينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأجمعت الأمة عليه في جميع العصور، وقد روى عن جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما أنه قال: " مرضت فعادنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وهما ماشيان فأتياني وقد أغمى على فتوضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصب على وضوءه فأفقت فقلت: يا رسول الله كيف أصنع في مالى؟ كيف أقضى في مالى؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث" رواه البخارى ومسلم وهى قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ … }، وعنه أنه قال: جاءت امرأة من الأنصار ببنتين لها فقالت: يا رسول الله هاتان بنتا ثابت بن قيس قتل معك يوم أُحد، ولم يدع لهما عمهما مالًا


(١) [سورة الأحزاب: الآية ٥].
(٢) [سورة الأنفال: الآية ٧٥].
(٣) [سورة النساء: الآية ١٢٧].
(٤) [سورة النساء: الآية ١١].

<<  <   >  >>