للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البابُ الأول في النظر في البدع من جهة الأصول والقواعد

وفيه فصول:

الفصل الأول في البدْعَة ومعناها

قال المحقق الإمام الشاطبى في "الاعتصام" ما ملخصه: أصل مادة (بدع) (١) للاختراع على غير مثال سابق ومنه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢): أي مخترعهما من غير مثال سابق، وقوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} (٣): أي ما كنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد، بل تقدمنى كثيرٌ من الرسل، لأنهم كانوا يعجبون من إرساله إليهم وهو بشر مثلهم ويقال: ابتدع فلان بدعة إذا ابتدأ طريقة لم يسبق إليها. وهذا أمر بديع يقال في الشئ المستحسن الذى لا مثال

له في الحسن. ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداع، وهيئتها هى البدعة وقد يسمى العمل المعمول علي ذلك الوجه بدعة.


(١) في "لسان العرب" ما حاصله: بدع مثلث العين، وابتدع، وأبدع، وتبدع، وبدعه، واستبدعه، وبدع، وبدعة.
بدعه: أنشأه كابتدعه ومنه بدع الله الخلق أحدثهم لا على مثال سابق. وبدع سمن وبدع بداعة وبدوعًا صار بديعًا، وأبدع أبدأ والشاعر أتى بالبديع فهو مبدع ومنه البديع الخالق المخترع لا عن مثال سابق فعيل بمعنى مُفعل. فالبديع المبدع والمبتدع، وتبدع تحول مبتدعًا، وبدَّعه نسبه إلى البدعة، واستبدعه عده بديعًا، والبِدع الأمر الذى يكون أولًا، وفلان بدع في هذا الأمر أي بديع، أي هو أول من أحدثه فهو اسم فاعل بمعنى مبتدع ومنه: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٩].
وفى "المصباح": وأبدعت الشيء وابتدعته أستخرجته وأحدثته. ومنه قيل للحالة المخالفة: بدعة. والبدعة أسم من الابتداع كالرفعة صت الارتفاع ثم غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة.
وفى "القاموس": البدعة الحدث في الدين بعد الإكمال أو ما استحدث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأهواء والأعمال. وبهذا مع الأصل ينجلى اسم معنى البدعة لغة وشرعًا، وأنها كل ما أحدث على غير مثال سابق، وأما شرعًا ففيها طريقتان كما يأتى.
(٢) [سورة البقرة: الآية ١١٧].
(٣) [سورة الأحقاف: الآية ٩].

<<  <   >  >>