للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن هذا المعنى سمى العمل الذى لا دليل عليه من الشرع بدعة، وهو إطلاق أخص منه في اللغة والفاعل للبدعة هو المبتدع.

فالبدعة إذًا هى: عبارة عن (طريقة في الدين مخترعة تضاهى الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه) وهذا على رأى من لا يدخل العادات في معنى البدعة وإنما يخصها بالعبادات، وأما على رأى من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقوله: (البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهى الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية).

وعرفها العلامة الشمنى بأنها ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علم أو عمل أو حال، بنوع شبهة أو استحسان وجُعل دينًا قويمًا وصراطًا مستقيمًا. وهو قريب من تعريف الشاطبي والمراد بالعلم الاعتقاد وبالحال هيئة العمل.

بيان ألفاظ التعريف: (الطريقة والطريق والسبيل والسنن) بمعنى واحد وهو ما رسم للسلوك عليه. والدين هو ما شرعه الله تعالى على لسان الرسول من العقائد والعبادات والمعاملات، وإنما قيدت بالدين لأنها فيه تخترع وإليه يضيفها صاحبها واحترازًا عما يخترع في الدنيا فقط فإنه لا يسمى بدعة كإحداث الصنائع والقصور التى لا عهد بها فيما تقدم.

ولما كانت الطرائق في الدين تنقسم فمنها ما له أصل في الشريعة، ومنها ما ليس له أصل فيها، خُص منها ما هو المقصود بالحد وهو القسم المخترع، أي طريقة ابتدعت على غير مثال سبقها من الشارع. إذ البدعة إنما خاصتها أنها خارجة عما رسمه الشارع، فمعنى مخترعة: أنها لم يكن لها أصل في الشريعة وبهذا القيد انفصلت عن كل ما ظهر لبادئ الرأى أنه مخترع مما هو متعلق بالدين كالنحو والتصريف ومفردات اللغة وأصول الفقه وأصول الدين وسائر العلوم الخادمة للشريعة فإنها وإن لم توجد في الزمان الأول فلها أصل في الدين فلا تسمى بدعة ومن سماه بدعة فإما على المجاز كما

<<  <   >  >>