ولا ضلالة، وهو سنة الخلفاء، والأئمة الفضلاء. انتهى. (من ذكر) من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم الحساب أكمل تذكير، وتنبههم عن الغفلة أتم تنبيه كأنها نفس الذكر، (محدث): أي محدث تنزيله بحسب اقتضاء الحكمة.
مثار الخلاف في معنى البدعة شرعًا
وفاء بما وعدناك نذكر لك هنا منشأ الخلاف الذى جرى بين أصحاب الطريقتين في تحرير معنى البدعة فنقول: قد وصفت البدعة وأهلها في لسان الشرع وأهله بصفات محذورة ومعان مذمومة تقضى يأن يكون معناها ما ذهب إليه أصحاب الطريقة الأولى وهو أن يكون الابتداع مشاركة للشارع في التشريع ومضاهاة له في سَن القوانين وإلزام الناس السير على مقتضاها.
فمن ذلك قول الإمام مالك رضي الله عنه:"من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}(١) فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا". وعن بعض السلف: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها. وفى الحديث من رواية ابن أبي عاصم وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:" يقول الشيطان: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكونى بـ (لا إله إلَّا الله) والاستغفار، فلما رأيت ذلك ثَبَّتُّ فيهم الأهواء فهم يذنبون ولا يستغفرون؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا". قال ابن القيم في " الجواب الكافى ": ومعلوم أن المذنب إنما ضرره على نفسه، وأما المبتدع فضرره على النوع، وفتنة المبتدع في أصل الدين، وفتنة المذنب في الشهوة، والمبتدع قد قعد للناس على صراط الله المستقيم يصدهم عنه، والمذنب ليس كذلك، والمبتدع قد قادح في أوصاف الرب وكماله، والمذنب ليس كذلك، والمبتدع مناقض لما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والعاصى ليس كذلك، والمبتدع يقطع على الناس طريق الآخرة، والعاصى بطئ السير بسبب ذنوبه. انتهى.