للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البابُ الثانى في النَّظَر في البِدَع مِن جِهَة فُروعهَا

وفيه فُصُولٌ:

الفصل الأول في بَيَان البِدَع التى تَقَع في المسَاجِد

المساجد بيوت الله تعالى فيها يعبد، وفيها يذكر اسمه. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما بنيت المساجد لذكر اللَّه" أي لا لنحو البيع والشراء ونشدان الضالة والأكل فيها ممَّا ورد النهى عنه، والجلوس فيها مستحب إذا كان لعبادة من اعتكاف أو قراءة قرآن أو علم أو سماع موعظة أو انتظار صلاة.

فقد روى عن أبى الدرداء أنه قال لابنه: ليكن المسجد بيتك فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "المساجد بيوت المتقين، فمن يكن المسجد بيته يضمن اللَّه له الروح والرحمة والجواز على الصراط" رواه الطبرانى في "الكبير" و"الأوسط" والبزار وقال: إسناده حسن، والروح بالفتح الرحمة فالعطف تفسير.

والرجل المعلق قلبه بالمساجد من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلَّا ظله، وفى البخارى من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الملائكة تصلى على أحدكم ما دام في مصلاه الذى صلى فيه ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه" وبالحدَث يُحْرَم المحدث دعاء الملائكة عقابًا له بما آذاهم من الرائحة الخبيثة، ومن كثرت ذنوبه وأحب أن تحط عنه فليغتنم ملازمة مصلاه ليستكثر من دعاء الملائكة فهو مرجو الإجابة، قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (١).

وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: "ألَا أدلكم على ما يمحو اللَّه به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال:

"إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطَا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط" رواه مالك ومسلم والترمذى والنسائى.

وعن بعض الصحابة رضي الله


(١) [سورة الأنبياء: الآية ٢٨].

<<  <   >  >>